الأثر السابع: ضياع العمر، كل شيء يتعوض إلا العمر، وكل شيء إذا ذهب ربما تستعيده من طريق أو أخرى إلا العمر.
ما مضى فات المؤمَّلُ غيب ولك الساعة التي أنت فيها
قال سبحانه:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}[فاطر:٣٧] وما تذكر فيه من تذكر موصولة بمعنى: الذي يتذكر ما تذكر، أو مصدرية أي: تذكر من يتذكر في هذه الحياة، وقال سبحانه:{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ}[المؤمنون:١١٢ - ١١٣] فلامهم الله عز وجل فقال: {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:١١٤ - ١١٦].
عند البخاري عن ابن عباس مرفوعاً {نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ} وأعظم ما يضيع العمر الغالي المعاصي، وأحرص ما حرص عليه السلف الصالح العمر، وإذا أتت المعاصي ذهبت الدنيا والآخرة والعياذ بالله، إن السلف كانوا يخافون من المباحات على الأوقات، والآن نحن أخذتنا المعاصي لا المباحات في الأوقات، فأسأل الله أن يتوب علينا وعليكم.
قيل لـ كرز بن وبرة -أحد العباد-: اجلس معنا، قال: امسك الشمس وأجلس معك، معناه: الشمس تذهب وتأتي وتقرب الأعمار.
نروح ونغدو لحاجاتنا وحاجة من عاش لا تنقضي
تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة ما بقي
أشاب الصغير وأفنى الكبير كر الغداة ومر العشي
إذا ليلة هرمت يومها أتى بعد ذلك يوم فتي
وقال آخر:
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
وإن من المآسي التي شهدها كثير من المسلمين -فأنا لا أتحدث عن الكفار، فهؤلاء لا حسبان لهم في هذا الكلام، وهؤلاء في منأى، هؤلاء لا يوجه لهم الكلام؛ لأنهم أبطلوا وصولهم وضيعوا اتجاههم مع الله عز وجل، لكن على المسلمين- أعظم ما مني به المسلمون -إلا من رحم ربك- ضياع الوقت، ضياع العمر، فكيف إذا كان في المعاصي؟! كيف إذا كان في الخطايا؟!