وتقوى الله كذلك في المطعم، قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:{يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، قال: يا سعد! أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة}.
أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، أي: أحسن هذا المطعم وليكن حلالاً يجيب الله دعاءك سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولذلك ذكر صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم:{الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له!} أي: كيف يستجاب لمن مطعمه حرام؟ وكيف تقبل صلاته، وصيامه، وحجه، وعمرته، وذكره، وتلاوته للقرآن وقد أكل الربا، ولبس منه وتغذى به وشرى سيارته وبنى بيته بالربا!! وبه ربى أطفاله فأي عبادة هذه؟!
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:{لعن الله آكل الربا ومؤكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم في الإثم سواء} فلما قال سعد: {يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، قال: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، ثم قال صلى الله عليه وسلم: اللهم أجب دعوته وسدد رميته} يدعو لـ سعد بن أبي وقاص فاتح العراق، أحد العشرة المبشرين بالجنة، الذي حضرته الوفاة وهو في البادية، كما يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء، فلما أتته الوفاة قربت ابنته عائشة منه وأخذت تبكي، فقال لها: ابكي أو لا تبكي، والله إنني من أهل الجنة، فقال الذهبي: صدقت هنيئاً لك ومريئاً، نشهد أنك من أهل الجنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شهد له أنه من أهل الجنة، ومع ذلك فكان دائماً طيب المطعم، خائفاً من الله وجلاً، فأجاب الله دعوته في أكثر من موضع.