القضية الأولى: أنه لا يغفر الذنب إلا الواحد الأحد، ولو اجتمع ملوك الدنيا ومسئولوها، وزعماؤها وعلماؤها على أن يغفروا لك ذنباً واحداً ما استطاعوا، يقول تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران:١٣٥].
القضية الثانية: أنه مهما أتيت من ذنب ثم تبت إلى الله غفر الله ذنوبك وإن كانت جبالاً من الخطايا وسيلاً من السيئات، وتستغفر وتتوب وتعزم على أنك صادق؛ يغفرها الله سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣].
القضية الثالثة: أن الصغائر تجتمع على العبد حتى تهلكه، كمثل نظرة، وسماع أغنية، ولمحة، وقليلٌ من السيئات تجتمع فيتدكدك تحتها العبد، ويسحق والعياذ بالله! في الصحيحين:{أن رجلاً من بني إسرائيل أذنب على نفسه ذنباً عظيماً -كان مؤمناً موحداً، ولكن أذنب وأخطأ- فلما أتته سكرات الموت قال لأبنائه: إذا مت فاجمعوا لي حطباً، وأشعلوا فيه النار ثم أحرقوني، ثم اسحقوني وذروني علَّ الريح أن تذهب بي في كل مكان، فجمعوا له حطباً وأحرقوه وسحقوه وذروه فذهب به الريح في كل مكان} ولكن من الذي يجمعه؟! هو الواحد الأحد، قال تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس:٨٢] وقال: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}[يس:٧٨ - ٧٩] جمعه الله بكلمة (كن) فكان أمامه، وظن هذا الرجل أن الله لا يستطيع أن يجمعه:{قال: يا عبدي! ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب! خفتك وخشيت ذنوبي، قال: يا ملائكتي أشهدكم أني غفرت له وأدخلته الجنة} رحمة الله واسعة، وفضله عظيم، لكن يوم يعرف العبد أن رحمة الله واسعة وفضله عظيم.