ثم خرج بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام على الناس، يقول ابن عباس كما جاء من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة في الصحيحين:{خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، وهو عاصب على رأسه بعصابة دسمة، -وقيل: سوداء- وهو بين علي والعباس، على كتفيهما رضوان الله عليهما، وأقدامه من المرض تخط في الأرض، فأجلساه على المنبر، فلما رأى الناس قال: يا أيها الناس: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته زاد البيهقي كما قال ابن كثير: يا أيها الناس: إني ملاقٍ ربي، وسوف أخبره بما أجبتموني به، يا أيها الناس: من سببته أو شتمته أو أخذت من ماله فليقتص مني الآن قبل ألا يكون درهماً ولا ديناراً، قال أنس: فنظرت إلى الناس وكل واضع رأسه بين رجليه من البكاء، ثم قال عليه الصلاة والسلام: يا أيها الناس: اللهم من سببته أو شتمته أو أخذت من ماله أو ضربته فاجعلها رحمة عندك} وعند أبي داود: {إني أخذت عند ربي عهداً أيما مسلم شتمته أو سببته أو ضربته، أن يجعلها كفارة له ورحمة} فاستبشر الناس بهذا، وأخذوا يقولون: فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله! وعاد إلى فراشه، وكان يسمع الأذان طيلة تلك الأيام، من يوم الخميس إلى يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، فكان صوت الأذان حبيباً إلى قلبه، أحب الأصوات إلى أذنه (الله أكبر) يوم يردده بلال صافياً صادقاً قوياً ينبعث إلى قلب من أتى بكلمة (الله أكبر) ويوم يردد لا إله إلا الله فتنبعث إلى قلب من أتى بلا إله إلا الله.
كان عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود يقول:{أرحنا بالصلاة يا بلال}
فقل لـ بلال العزم من قلب صادق أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا
توضأ بماء التوبة اليوم مخلصاً به ترقَ أبواب الجنان الثمانيا