الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للسنة فانقادت لاتباعها وارتاحت لسماعها، وأمات نفوس أهل الباطل بالبدعة بعد أن تمادت في ابتداعها، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اتصلت به أنوار الهدى بعد انقطاعها، وارتفعت به حصون التوحيد في سموها واتساعها، صلى الله على صاحب العز المنيف والطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، معلم الإنسانية، وهادي البشرية، ومزعزع كيان الوثنية، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أيها الناس: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، واعلموا أن أحلى ساعات العمر، وأسعد أيام الحياة، وأرغد دقائق العصر، معايشة رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في أقواله، وأعماله، وأحواله.
من زار بابك لم تبرح جوارحه تروي أحاديث ما أوليت من منن
فالعين عن قرةٍ والكف عن صلة ٍ والقلب عن جابر والسمع عن حسن
وأي حياة يعيشها الذين يعيشون على غير ركبه صلى الله عليه وسلم، وأي لذة يجدونها الذين يتلذذون بمعصيته صلى الله عليه وسلم، وأي سمو وأي ارتفاع يناله الذين يتنكبون سيرته وهديه عليه الصلاة والسلام!
إن أعظم ما يقود المسلم في الحياة ويرغبه في مرضاة الله، هو ذاك الأسوة العظيم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}[الأحزاب:٢١]{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[آل عمران:١٦٤].