يقول ابن أبي حاتم في تفسيره: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من الليالي, فمرّ ببيت امرأة من الأنصار, فسمعها تقرأ من وراء الباب تردد في الليل بعض الآيات، عجوز تقرأ! انظر إلى هذه العجوز المسنة الطاعنة كيف تتربى مع القرآن!! فأين نساء المسلمين؟! وأين الأمهات اللواتي كن يتربين على كتاب الله عز وجل؟! وأين تلك البيوت التي كانت كدوي النحل من كتاب الله عز وجل ومن ذكره ومن تلاوة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ بُدّلت بالغناء الماجن, وغيرت بالكلام القبيح, واستولت عليها الغيبة والنميمة والفحش واللعن والسب والشتم إلا من رحم الله, فهل آن للبيوت أن تعود إلى الله عز وجل؟ وهل آن للأمهات المسلمات أن يراجعن حسابهن مع الحي القيوم, فإن قبلهن عائشة وأسماء وأم سليم وعاتكة وغيرهن هن يوم القيامة أسوة لكل امرأة مؤمنة تريد الله والدار الآخرة.
وقف عليه الصلاة والسلام ووضع رأسه على الباب والمرأة هذه تتلو قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:١] وتبكي! ثم تعود، وتقول:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:١] فأخذ صلى الله عليه وسلم بيده على رأسه ويبكي، ويقول:{نعم أتاني نعم أتاني} المخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام يقول الله له: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:١] أي: ما أتاك وما عرفت وسوف تعرف, والغاشية والزلزلة والطامَّة والواقعة والصاخة والقارعة كلها أسماء ليوم القيامة, لأن الله ضخَّمه وفخَّمه فهل وعته العقول؟ هل تدبرت؟ هل تذكرت؟