للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الخجل والحياء عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

السؤال

أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأريد أن أتكلم، لكن لا أستطيع، لساني ينعقد ولا يتحرك، أتفجر خجلاً ماذا أفعل؟

الجواب

أولاً: اعلم أن كل بداية لها نقص، وأن البدايات صعبة، قالوا لـ عبد الملك بن مروان: نرى الشيب في رأسك ولحيتك؟ قال: من صعود المنابر يوم الجمعة أعرض عقلي على الناس.

عثمان رضي الله عنه وقف على المنبر في أول خطبة، فارتد عليه الخجل، وكانت تستحي منه الملائكة، فنزل فلما أصبح في الأرض، قال كلمة ما سمع التاريخ من خليفة بمثلها قال: [[إنكم بحاجة إلى إمامٍ عادل خير من خطيب فصيح]].

أنا أقص قصة -محرجة- لداعية لا زال حياً اليوم، وهو في الستين من عمره، يقصها على الناس بـ أبها، هذا الداعية الآن كلامه كالشهد المصفى يبكي الناس، وليس الآن بمعروف لدى الناس، ذهب إلى الرياض وكان يعمل في الدفاع المدني، قال: فأتاني جماعة من أهل الخير، فدلوني على طريق الله المستقيم فاستقمت، لكن ليس عندي علم، أحفظ الفاتحة وسورة، قالوا: نريد أن تتكلم اليوم في منفوحة -حي في الرياض - فتلقي موعظة، قل: توكلت على الله، قال: فلبست ثيابي، وتهيأت، وتوضأت، وتطيبت، ومشيت في الطريق، وعرقي يتصبب تصبباً، قال: جمعت كلاماً في صدري، كلما مشيت خطوة سقطت كلمة قال: وجئت ودخلت المسجد، هذا كلامٌ ومعي بعض الإخوة ونحن جلوس معه، وهو لا يكذب، قال: فدخلت المسجد فصلى بنا الإمام صلاة المغرب، والله ما أدري ماذا قرأ بعد الفاتحة، انشغلت بالكلام واضربت وأتت أرجلي تتنافر، وبعد الصلاة أتيت لأتكلم عند المكرفون، قال: فنسيت حتى الحمد لله، قالوا: وفي الأخير قلت: يا جماعة من رأى منكم فلان بن فلان -يعني: نفسه- ضاع منا ونريد من وجده أن يسلمه إلى مركز آل فلان.

والسنة أنه إذا سمعت إنساناً ينشد ضالة أن تقول: لا ردها الله عليك، فقام الناس في المسجد، وقالوا: لا ردها الله عليك، لا ردها الله عليك، فأخذ طريقه من بابٍ ثانٍ وترك حذاءه وعاد خجولاً في البيت وأقسم ألا يتكلم، ثم وفقه الله أن سافر إلى باكستان، وسافر بين العجم هناك يقول: كنت أتكلم فآتي بها منكوسة معكوسة، فيقولون: هذا خطيب العصر، قال: فلما تدربت، والمثل يقول: تعلم الحلاقة في رءوس الأيتام!! تدربت فعدت إلى الجزيرة فأصبحت من أخطب الناس، فالأمر يحتاج إلى تدريب.

والأمر الثاني: أنه لا يحتاج الناس أن يكونوا كلهم خطباء، هذا صحفي ينصر الإسلام بقلمه، وهذا إداري ينصر الإسلام بإدارته، وهذا طبيب، وهذا مهندس، لا يحتاج أن يكون كل الناس متحدثين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يحتاج أن تكون كـ سحبان بن وائل، لكن يحتاج أن تكون صادقاً مع الله، توصل كلمتك بلينٍ ورفق حتى ينفع الله بك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>