[خطر غلاء المهور والرشوة والإسراف]
السؤال
ابتلينا في منطقتنا بغلاء المهور، وكذلك الرشوة، والمبالغة في الولائم، أرجو التعليق على ذلك؟
الجواب
أما غلاء المهور، فهو من شر ما ابتليت الأمة، وكان له عواقب ونتائج منها:
أن الله لا يبارك في هذا المهر الذي يحوزه الوالد، حتى وجد أن من أفقر الناس من يتاجر في بناته، عنده ثمان بنات، ويأخذ في الواحدة مائة ألف، وهو من أفقر الناس، لأن الله لا يبارك في هذا، وبارك الله في أقلهن مهراً، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا؛ تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
غلاء المهور من عواقبه عزوف كثير من الشباب والفتيات عن الزواج، وهذا أمر سبب ارباكات في مجتمعنا، وسبب ويلات منها والعياذ بالله: المعاصي، ومنها كذلك: تفويت الزواج على كثير من الشباب والشابات، وهذا أمر خطير، وبعض الآباء لم يفهموا هذه القضية، ولم يتأملوها، ولم يفقهوا فيها، إنما همهم المال، فوصيتي تقليل المهر، والمساعدة للمتقدمين، ووصيتي للشباب أن يتقدموا ويعفوا أنفسهم بالزواج، وألا تكون الدراسة، وبعض الأسباب الدنيوية عائقاً عن الزواج، فإن الزواج أهم عند المرأة من مواصلة دراستها، فهو الحياة الحقيقة، والحياة بغير الزواج للمرأة أو الرجل ليست بكاملة.
وأما بالنسبة للرشوة: {لعن صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي} وفي بعض الروايات {والرائش} وتعرفون كم أفسدت من الحقوق، وكم عطلت من الأحكام، وكم صرفت من الواجبات، وكم أدمت من قلوب.
الرشوة إذا وجدت في مجتمع ضاع الضعيف؛ وأخذ مال المظلوم؛ وانتهكت المحارم.
الرشوة إذا وجدت؛ فسد الأمر، ونسأل الله عز وجل أن يصلح لنا ولكم البطانة، وأن يتولانا وإياكم، فإن من عواقب الرشوة أنها أكلٌ حرام {كل جسد نبت من السحت، فالنار أولى به}
وأما المبالغة في ولائم الرياء والسمعة فإن أثرها وخيم، وصاحبها يدخل في عموم الحديث: أول من تسعر بهم النار ثلاثة، منهم الجواد الذي صنع الولائم في الدنيا وأكرم الناس يستدعيه الله عز وجل يوم القيامة، فيقول: يا فلان بن فلان أما منحتك المال؟ أما أعطيتك؟ قال: بلى يا رب، قال: فأين ذهبت به؟ قال: أطعمت الجائع، وكسوت العاري، وأنفقت في سبيلك، قال الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله: إنما فعلت هذا ليقال جواد، وقد قيل، فخذوه إلى النار، فيأخذونه فيسجرون به النار، ونعرف والله كثير من الناس ذبح في بعض الولائم خمسين رأساً من الغنم، ويوم طلب يتبرع في أفغانستان وبعض المساجد رفض، وهذا يدل على أنه ما فعل ذاك إلا رياءً وسمعةً ومجاملةً، وطلب مديح الناس، فجزاؤه عند الله والعياذ بالله!
حاتم الطائي أنفق أمواله كلها، فيقول ابنه: {يا رسول الله، أينفع أبي أمواله التي أنفق، قال: لا.
إن أباك طلب شيئاً فأصابه} طلب الرياء والسمعة والصيت، فأعطاه الله السمعة والصيت , وليس له أجر عند الله {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:٢٣].
وقال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:١١٠].
وصيتي بالاقتصاد في الولائم، وأن تكون الوليمة على قدر المدعويين, وأن يختصر في الزواجات حتى تكون أقل تكلفة على الناس، وعلى المتزوجين؛ لأن العرف إذا ساد بالتكليف، كلف الفقراء والمساكين ما لا يستطيعون مجاراة للناس.