للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النهي عن الإتيان بالغرائب]

ومن آداب المسلم في النهي عن القيل والقال: أن يتقي الله ولا يأتي بالغرائب، والدين هو المشهور الذي تقبله العقول والأذهان، ولا تنكره العقول ولا القلوب، فإذا رأيت الإنسان يورد العجائب والتهاويل في كلامه فاعرف أنه يريد شيئاً، ولذلك سمى الأئمة هؤلاء وضاعين كذابين قصاصين خرافيين، الذي يأتي بالغرائب مثل صاحب كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور فإنه أتى بغرائب من ضمنها يقول: ملك من الملائكة في بحر من البحار إذا جاع أخذ سمكة ورفعها إلى الشمس فقربها من الشمس وشواها وأكلها، هذا لا يقبله العقل ولم يأتِ به وحي، قال: وتحت الأرض السابعة نخلة ثمرها في السماء رطب من در، وهذا كذب، ثم يأتونك بأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان لأن الذي تقبله العقول هو الدين الأصيل.

اذهب إلى جمهوريات الاتحاد السوفيتي، وانظر كيف ينتشر الإسلام عبر المحيط، واذهب إلى أوروبا وسافر إلى أستراليا فهو يبلغ مبلغ الليل والنهار؛ لأن العقول تقبله، فإنه دين أصيل يخاطب الفطرة قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:٣٠] ليس فيه خرافة ولا كذب ولا تدليس ولا تلبيس ولا مداجاة، بل كله حق كما يقول تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات:٢٣] صدقٌ ووضوحٌ مثل الفجر.

ولذلك ألف ابن تيمية كتاب درء تعارض العقل والنقل ومما يؤثر عنه أنه قال على منبر مسجد بني أمية في دمشق: أتحدى العالم أن يوجد في الشريعة نصاً يعارض العقل أو يعارضه العقل، وألف كتابه العظيم هذا الذي قال عنه ابن القيم: ما طرق العالم مثله، فالدين تقبله العقول، أما إذا رأيت الخرافات والخزعبلات والغرائب فاتهم صاحبها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>