[التزود من الصالحات هو النجاة يوم الطامة الكبرى]
تزود للذي لابد منه فإن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بغير زاد
والزاد: العمل الصالح، وأجمع الصالحون على أنه لا أعظم من تقوى الله عز وجل {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة:١٩٧] قال الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور: أجمل بيت قالته العرب
الخير أبقى وإن طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زاد
وسوف يرى الناس بماذا تهيئوا وماذا حصلوا وماذا جمعوا يوم يجمعهم الله عز وجل، يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان -وهذا الكلام هو كلام يليق بجلاله سُبحَانَهُ وَتَعَالى- فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أمامه فلا يرى إلا النار فاتقوا النار ولو بشق تمرة}.
وذكر عليه الصلاة والسلام أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة، وهذا يوم الطامة الكبرى: عالم وجواد وشجاع.
يقول الله للعالم: أما علمك الله العلم؟ قال: بلى.
قال: فماذا فعلت فيه؟ -والله أعلم- قال: علمت الجاهل وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر.
فيقول الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقال: إنما تعلمت ليقال عالم وقد قيل؛ خذوه إلى النار.
ثم يقال للجواد كذلك وللشجاع كذلك.
وهذا مصداق قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:٢٣] وقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:١١٠] فأول الزاد الإخلاص: أن تقصد الله بالعمل، وأن تحذر من الرياء والسمعة كما قال تعالى: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف:٢٩] وقال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:٣].
وعند مسلم عن جابر قوله عليه الصلاة والسلام: {يقول الله عز وجل: من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه} لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان له خالصاً كما قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:٢] قيل: أي: أصوبه وأخلصه، ومعنى أخلصه: أن يكون خالصاً لوجه الله، وأصوبه: أن يكون متابعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فأول شرط: الإخلاص لوجه الله.
والشرط الثاني: أن يكون إمامك في العمل محمداً صلى الله عليه وسلم، فلا تتبع غيره ولا تقتدي بسواه، ولا تبتدع من عندك شيئاً فإن المحدثات لا يقبلها الله عز وجل ولا رسوله عليه الصلاة والسلام قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيّ} [الكهف:١١٠] {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:١ - ٤] ويقول عليه الصلاة والسلام: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد}.
إذاً فعليك أن تتعلم العلم الشرعي وهو الشرط الثاني من شروط القبول لتنجو من الخسارة والخذلان والعياذ بالله.
ومنها: أن تكثر من السجود، روى مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: {كنت أبيت مع رسول صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: سل.
فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة.
قال: أو غير ذاك؟ قال: هو ذاك يا رسول الله.
قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود} وعند مسلم عن ثوبان: {فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة}.