ومما ذكر صاحب كتاب كليلة ودمنة وهذه نوردها وهي مثل الوردة تشم ولا تؤكل يقول: ذهب الثعلب يبحث عن صيد؛ لأنه جائع، فاجتمع الأسد بالحيوانات اجتماعاً طارئاً، فاجتمعوا فلما جلسوا قال: أين الثعلب؟ أين أبو معاوية؟ -والثعلب اسمه: أبو معاوية- فقال الذئب -والذئب نمام حرش عليه- قال: ذهب وعصاك، وقد أخبرته أنك تريدنا فأبى فقال: سوف يأتي عدو الله -أو كما قال- فلما أتى قال: أين أنت؟ وكشر في وجهه، فقال: سمعت أنك مريض -وقد كان الأسد مريضاً- فذهبت أبحث لك عن علاج -وقد سمع أن الذي نم عليه الذئب- قال: أين وجدت علاجي؟ قال: وجدت علاجك في خصية الذئب قال: عليَّ بالذئب، تعال يا أبا حُصين- والذئب اسمه: أبو حُصين فاقترب فأخذ خصيته بكفه، فنزل الذئب ودماؤه تثعب، فقال الذئب للثعلب: لماذا تفعل هكذا؟ قال: لتتعلم كيف تجلس عند الملوك.
وهذه فيها عبرة، والذي كتب كليلة ودمنة من الحكماء، وكتبها حتى يعرف الناس شر النميمة، ونقل الكلام، فإنه {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}[فاطر:٤٣].