وقبل أن أنتهي من هذه الخطبة هنا فتوى عن مسألة انتشرت في المنطقة ولم تنكر، وأصبحت سائدة كأنها من السنة، وهي: حكم الاجتماع في التعزية.
السؤال
يسأل بعض الإخوة عن حكم اجتماع بعض الناس في بيت الميت وقت التعزية، وجلوسهم ثلاثة أيام في هذا البيت، سواء صُنع لهم طعام في بيت الميت أم لا، فهل هذا من السنة؟ وهل ورد فيه شيء عن الرسول عليه الصلاة والسلام؟
الجواب
الحمد لله، السنة تعزية المصاب من المسلمين بقولك له:(آجرك الله وغفر الله لميتك) ونحو ذلك، والسنة إرسال الطعام لأهل الميت؛ لاشتغالهم بالمصيبة، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن جعفر {اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم} رواه الخمسة، وصححه ابن السكن والترمذي، وأخرجه أحمد وابن ماجة والطبراني من حديث أسماء بنت عميس، وهو حديث صحيح.
ولا يجوز اجتماع الناس في بيت الميت لاستقبال الناس، سواء صُنع لهم طعام أم لا؛ لحديث جرير بن عبد الله البجلي قال:{كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعه الطعام بعد دفنه من النياحة} رواه أحمد وابن ماجة وهو حديث صحيح.
فالسنة تعزية صاحب المصيبة عند القبر، أو في الطريق، أو بالذهاب إلى بيته بدون تجمع، أو بالاتصال به، وليس من السنة ذهاب القبيلة أو غالبها أو جماعة منها إلى قبيلة أخرى من أجل التعزية، فهذا لم يفعله رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه ولا التابعون لهم بإحسان، وهذا من البدع المخالفة للشريعة الإسلامية.
وأشد من هذا وأخطر نصب الخيام، وصنع الطعام، واجتماع الناس في بيت الميت، مع مافي ذلك من مفاسد كتعطيل الناس عن أعمالهم، وكثرة الكلام بغير ذكر الله، وحصول المزاح واللغو والضحك.
فالواجب النهي عن هذا من قبل أئمة المساجد وخطباء الجوامع ومشايخ القبائل، والله أعلم.
أسأل الله لي ولكم التوفيق والهداية، وأسأل الله لنا ولكم الحفظ والرعاية، وأن يعصمنا من البدع ومن مضلات الفتن، وأن يجمع قلوبنا على طاعته.
وأسأله أن يرضى عن أصحاب رسوله وعن التابعين لهم بإحسان، وأن يصلح ولاة الأمر وأن يهديهم سبل السلام، وأن يوفق المسلمين لكل خير.