قومٌ جعلوا القرآن دائماً في كل أمر، ولم يجعلوه للتداوي فحسب، من باب تعليق التمائم، ومن باب حضوره في المآتم، وفي المناسبات، وقراءته على القبور، كغلاة الصوفية فهؤلاء لا حظ لهم، وقد أخطئوا في ذلك، والصحيح أن القرآن سببٌ من الأسباب، يقرأ به فيما ورد، لا يعلق تميمة، ولا يعتقد أنه بنفسه ينفع أو يضر، فهؤلاء جعلوا القرآن مهمتهم في الحياة، أن تكون قراءته في المآتم، أو في الأعراس، أو في المناسبات، أو على القبور، فإذا أتى تحكيمه في دنيا الواقع في الحكومات القائمة، في الاقتصاد، في السياسة، في تدبير أمور الأمة، وفي الأدب والفن، أعرضوا عنه وتركوه، وقالوا: هذا شيء، وتلك شيء، وقابلهم قومٌ آخر متطرفون، فقالوا: القرآن لا يستشفى به، ولا يتداوى به وهو من باب الطلاسم، ومن باب التنجيم والكهانة، فهؤلاء أخطئوا كذلك.
وتوسط قوم فقالوا: مهمة القرآن هداية البشرية أولاً، يحكم به الحاكم في الأمة، في اقتصادها وجيشها، وسياستها وعلاقتها في كل ما يمت إلى الحياة بصلة، فهو دستور الحياة، وقائدٌ إلى الآخرة، ومحكمٌ إلى القلوب، وموجهٌ إلى الأرواح، ثم كذلك يتشافى به بما ورد.