وأسلم طلحة بن عبيد الله ذو الجود، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان من أكرم الناس يداً، وأنفعهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد حضر الغزوات كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وشلت يده يوم أحد، ضرب بالسيوف والرماح والنبل حتى شلت يده، فلما انتهت المعركة قال له الصحابة: كيف وجدت نفسك؟
قال: والذي نفسي بيده، ما في جسمي شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، فكان أبو بكر يبكي على المنبر ويقول:[[أما يوم أحد فقد ذهب بأجره طلحة بن عبيد الله]] وكان من أشجع الناس.
وقد قتل طلحة يوم معركة الجمل التي وقعت بين علي من جهة ومن معه، وبين عائشة ومن معها، وهي فتنة وقعت {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[البقرة:١٣٤].
ومن معتقد أهل السنة والجماعة ألا يخوضوا فيما شجر بين الصحابة ولا يتكلموا ولا يخطئوا بعض الصحابة، ويقولوا: الصواب مع فلان أو مع فلان، لا، بل يكفوا ألسنتهم كما كفوا أسيافهم، قيل لـ عامر الشعبي: ما رأيك في أهل الجمل وأهل صفين عندما فر بعضهم من بعض؟
قال: أولئك أهل الجنة التقوا فاستحيا بعضهم من بعض.
طلحة بن عبيد الله قتل في المعركة، وكان في الصف المقابل لـ علي، وسبب خروجه من المدينة أنه يريد أن يقاتل قتلة عثمان فلما خرج قتل، فنزل علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رأى طلحة، وكان زميله وحبيبه وصديقه ومن العشرة المبشرين بالجنة معه، فنزل علي وأخذ يمسح التراب عن وجه طلحة وهو مقتول، ويقبله ويبكي، ويقول: [[يعز عليّ يا أبا محمد أن أراك مجندلاً على التراب، لكن أسأل الله أن يجعلني وإياك ممن قال الله فيهم:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[الحجر:٤٧]]].
قيل: هذه الآية نزلت في الصحابة وفي المسلمين عامة، فممن أسلم طلحة رضي الله عنه.