للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صالح بن عبد القدوس والمهدي]

االشاعر الأثيم النذل الخسيس الحقير صالح بن عبد القدوس، فإنه قد نال جزاءه على الزندقة والإلحاد في دين الله، وهذا جزاء من استهزأ بالدين: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:٦٥ - ٦٦]

وهو حكيم بلسانه، لكنه نذل منافق، يجوِّد العبارة، وهو من أشعر الشعراء؛ لكنه لم يستفد من الشعر شيئاً قاتله الله! يقول ابن المعتز في الطبقات: إن كان قال القصيدة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

قلت: شكر الله لك! ويقول محمد الغزالي المعاصر: من قال كلاماً جميلاً شعراً أو نثراً ذهبنا إليه وقبَّلنا جبينه، ومن قال كلاماً خسيساً حقيراً في الملة ملأنا فاه تراباً.

يقول هذا في حكمة له:

ذهب الشباب فما له من عودة وأتى المشيب فأين منه المهربُ

هذا صحيح.

دع عنك ما قد فات في زمن الصبا واذكر ذنوبك وابكها يا مذنبُ

واذكر مناقشة الحساب فإنه لا بد يُحصى ما جنيتَ ويُكتبُ

لكنه لم يتذكر هو.

والليل فاعلم والنهار كلاهما أنفاسنا فيه تُعَدُّ وتُحسبُ

وجاء بقصائد كثيرة من الأبيات المجيدة، والحكم البالغة النافعة لمن تدبرها، ولكنه لم يمتثل بها في حياته، بل تطاول إلى جناب الرسول الشريف صلى الله عليه وسلم -عياذاً بالله- فداه أبي وأمي، وملأ الله قلوبنا من محبته، وفديناه بأرواحنا ودمائنا صلى الله عليه وسلم

إن كان أحببتُ بعد الله مثلك في بدوٍ وحَضْرٍ وفي عُرْب وفي عجمِ

فلا اشتَفَى ناظري من منظرٍ حسنٍ ولا تفوه بالقول السديد فمي

فلعنه أهل العلم، وجزى الله المهدي أمير المؤمنين الخليفة العباسي خيراً، فقد استدعاه في الحال وقال له: أنت الذي قلت في الجناب الشريف كذا كذا؟ فأقسم بالله أنه ما قال، وبكى أمام الناس، وأن أعداءه زوروا عليه، فأصبح الأمر محتمَلاً، فأراد المهدي أن يتركه وقال له: اذهب، فلما صار عند الباب وأراد الله أن يأتي برأسه- قال له: تعال، ماذا قلتَ في قصيدتك:

والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يوارى في ثرى رمسه

وهو قد أصبح شيخاً كبيراً.

قال: قلت:

والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يوارى في ثرى رمسه

إذا ارعوى عاد إلى جهله كذي الضنا عاد إلى نُكسِهِ

قال: والله لا تترك أخلاقك، عليَّ برأسه، فقطعوا رأسه، والحمد لله {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:٤٥].

<<  <  ج:
ص:  >  >>