للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[طلب الدعاء بالغيث]

نسأل الله عز وجل أن يسقينا وإياكم غيث القلوب وغيث الأرض فإن الله قرن بينهما، يقول سبحانه وتعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦].

وغيث الأرض: المطر ونحن بحاجة إليه، فأما غيث الأرواح والقلوب فقد أتى به عليه الصلاة والسلام، يقول في الصحيحين: {مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً} فهذا الغيث ننتظره وقد سمعناه، وننتظر من الله أن يغيثنا، وعسى ألا تكون معاصينا وتخلفنا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقاعسنا وسكوتنا ألا تكون هذه من النكبات التي جربناها في القحط.

أيها الإخوة: أنا أذكر أننا استسقينا ما يقارب أربع مرات أو خمس مرات وما نزلت قطرة، لأننا يوم خرجنا المصلى خرج منا أناس أموالهم في البنوك الربوية، وخرج أناس بيوتهم مليئة بالأشرطة الغنائية، وخرج أناس عند مخداتهم المجلات الخليعة، وخرج أناس لا يصلون في المسجد، وخرج أناس يتنكرون للسنة، وخرج أناس يغتابون وينمون ويشهدون الزور ويعصون الله ولا نبرأ أنفسنا كلنا ذاك الرجل، فدعونا ولكن سددنا باب الإجابة بالذنوب: {يا رب! يا رب! يا رب! ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام فأنى يستجاب له!} فنريد من الأخيار أن يسارعوا في إنقاذ الأمة، والنهي عن المنكرات قال تعالى: {لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة:٦٣].

لماذا لا ينهون؟ أين المتكلم؟ أين الدعاة؟ أين الخطباء؟ أين العلماء؟ الله يلوم أولئك يقول: أين هم يتكلمون للأمة ويتكلمون للجيل وينهون عن المنكرات ويأمرون بالمعروف.

يا أيها الإخوة: إن الأمانة أمانة في أعناق الدعاة وطلبة العلم وشباب الصحوة أن يجعلوا للفساد حداً لئلا ندمر تدميراً ما بعده تدمير قال تعالى: {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً} [الطلاق:٩].

يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه

كم نطلب الله في ضر يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه

ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه

ونركب الجو في أمن وفي دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله

ربنا إننا سمعنا منادياً للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً، ربنا إن الناس اتجهوا إلى المناهج الأرضية واتجهنا إليك فلا تحرمنا رحمتك وعفوك ورشدك ونورك.

اللهم إن أعطيت الناس من أسباب الدنيا فاعطنا من أسباب تقواك، ومن الإيمان بك أعظم الأسباب.

اللهم إن الناس تعلقوا بحبال الدنيا ومناهج الدنيا وتعلقنا بحبلك ومنهجك فلا تسلمنا لغيرك يا رب العالمين!

نسألك توفيقاً وهداية ورشداً ونوراً وبصيرة، ونسألك أن تهدي ولاة الأمر وأن تصلحهم وأن تريهم الحق حقاً وترزقهم اتباعه، وتريهم الباطل باطلاً وترزقهم اجتنابه.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

<<  <  ج:
ص:  >  >>