للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القرآن أعظم معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم]

وأكبر معجزة لرسولنا عليه الصلاة والسلام معجزة القرآن الكريم، الذي مر عليه ما يقارب خمسة عشر قرناً، وهو لا يزداد إلا قوةً ونصراً وتأييداً من رب العزة سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء:٨٨] {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء:٨٢] {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤٢].

تحدى الله به أفصح أمة نطقت بالضاد، أمة الخطباء، أمة الأدباء، أمة الشعراء، فقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:٢٣] وقال عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} [الأحقاف:٨] وفي آية ثالثة: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور:٣٤].

نزل عليه الصلاة والسلام إلى الحرم، فاجتمع إليه سادات قريش، وخطباء قريش، وأدباء قريش، فقال بعضهم لبعض: أرسلوا رجلاً منكم إلى هذا الرجل الذي سب آلهتنا، وسفه آراءنا، وذم أجدادنا، واسألوه ماذا ينقم علينا، فأرسلوا عتبة بن ربيعة فلما وصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: {ماذا تريد يا محمد منا؟ إن كنت تريد زوجةً زوجناك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك، وإن كنت تريد مالاً سودناك وأعطيناك، فقال عليه الصلاة والسلام: أفرغت يا أبا الوليد قال: نعم، قال: اسمع، فلما أنصت اندفع عليه الصلاة والسلام يقرأ عليه سورة فصلت، فلمَّا بلغ قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت:١٣] قام عتبة ووضع يده على فم الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال: أسألك بالله وبالرحم، ثم عاد، فإذا وجهه مغبرٌ مقيتٌ كسيفٌ، فقال له الكفار: لقد جئتنا بغير الوجه الذي ذهبت به} وحين سأل المشركون الوليد بن المغيرة أن يقول في القرآن شيئاً قال: لقد سمعت الشعر هزله ورجزه، وسمعت السحر نفثه ورفثه، وسمعت الشعوذة، وسمعت الكهانة، والله ما هو بسحر، والله ما هو بشعر، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، إن له لحلاوة، وإن أعلاه لمورق، وإن أسفله لمغدق، فقالوا: لا تفارق مجلسنا حتى تقول في القرآن شيئاً، فعبس بوجهه وبسر، وتلفت ماذا يقول، فقال: إن هو إلا سحر يؤثر، فقال الله له: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً} [المدثر:١١ - ١٣] كان فقيراً ممحلاً، فآتاه الله من الأموال حتى إنه كان يقسِّم الذهب بالفئوس، وآتاه عشرة من الأولاد {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآياتنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدثر:١٥ - ٢٦] جهنم يدخلها؛ لأنه كذَّب بآيات الله.

فهذا القرآن تحدَّى الله العرب أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من سوره أو بسورة أو بآية من آياته، فلم يستطيعوا، ولذلك كان القرآن أعظم معجزة لرسولنا عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>