وكما أسلفت هو من أعظم أحاديث الإسلام التي ذكرها صلى الله عليه وسلم، وراوي هذا الحديث هو معاذ رضي الله عنه وأرضاه، داعية أهل اليمن إلى الإسلام، والذي استنقذهم من الضلالة بلا إله إلا الله، والذي هداهم إلى النور بلا إله إلا الله، كان عليه الصلاة والسلام يقول له دائماً وأبداً:{يا معاذ والله إني لا أحبك، لا تدع أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك}.
ولا بأس أن نقف لحظات مع هذا الصحابي الجليل معاذ رضي الله عنه وأرضاه، جاهد في ذات الله، وذهب إلى اليمن، ولما ودعه صلى الله عليه وسلم، وهو مسافر إلى أرض اليمن، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أوصني يا رسول الله! قال: {اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن} وقال له: {يا معاذ! اذكر الله عز وجل عند كل شجر وحجر ومدر} فذهب رضي الله عنه وأرضاه، ومات صلى الله عليه وسلم ومعاذ في اليمن.
ولما قدم راجعاً، جاهد مع أبي بكر الصديق، ومع عمر، حتى كان مع أهل الفتوح الذين ينشرون لا إله إلا الله في المعمورة، وهو من الذين حضروا معركة اليرموك ضد الروم، وتوفي وعمره سبعٌ وثلاثون سنة، لكنها خيرٌ عند الله من سبعة وثلاثين قرناً، كان به دمل رضي الله عنه وأرضاه في يده اليمنى من الطاعون، فقال له الناس: لا بأس عليك تتشافى بإذن الله، فرفع يديه، وقال:[[اللهم إني قد مللت الحياة، اللهم فاقبضني إليك غير مفرط ولا مفتون ثم قال: [[اللهم إنك تكبر الصغير، وتبارك في القليل، اللهم اجعل وفاتي في هذه القرحة]] وهذا لا يتعارض مع عدم تمني الموت، فإنه رضي الله عنه وأرضاه خاف من الفتن، فانتشرت هذه القرحة، ومات شهيداً رضي الله عنه وأرضاه؛ لأنه مات بالطاعون.