[أهمية التوازن]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ سلاماً أزكى من المسك، وأنقى من ماء الغمام، وأبيض من الفجر، سلاماً ثابتاً ثبات مبادئكم، صادقاً صدق إيمانكم، راسخاً رسوخ معتقدكم.
ما أسعدني هذه الليلة أن أجلس بين أيديكم، أشكر أخي وزميلي الشيخ/ عبد الله الشهراني على مقدمته، وأشكركم على حضوركم.
سبب السعادة أمران:
الأمر الأول: أنني ألتقي أنا وإياكم هذه الليلة تحت النسب الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام، نسب لا إله إلا الله محمد رسول الله، فنحن وإياكم نزاع من القبائل، التقينا لا على سبب ولا على حسب ولا على نسب إلا نسب لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله عليه الصلاة والسلام: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:٦٢ - ٦٣].
لما جلست ورأيت الجمع تذكرت بعض الاجتماعات في مثل ليالي رمضان لكنها من نوع آخر، هناك شباب يجتمعون مثلما تجتمعون، لكنهم يجتمعون على سهرات حمراء، وموسيقى حالمة وبلوت وضياع، فقلت: يا سبحان الله! كم بين الواديين والفريقين والحزبين!! فأسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن سلك بهم طريق الهدى وهم أتباع محمدٍ عليه الصلاة والسلام.
نعم.
كما سمعتم عنوان المحاضرة: التوازن في حياة الشاب المسلم.
نحن بحاجة إلى هذا الموضوع نزن به أعمالنا وأقوالنا ونشاطنا، نحن بحاجة إلى أن يكون الشاب فقيهاً قبل أن يكون مندفعاً ذا عاطفة، أن يكون فقيهاً في دين الله عز وجل، وصحيحٌ أن في أول الطريق يحدث للإنسان شيء من العاطفة أو عدم الاتزان، أو تغليب جانب على جانب، وسوف أدور في هذه الليلة في مسائل:
منها الروحانية في حياة الشاب، وجذوة القلب، وتوقد الروح، أن يعيش هذا الدين.
ومنها طلب العلم وطرق تحصيله ومحاذيره.
ومنها الجرأة على الفتيا وتغليط أهل العلم، والتشنيع بالزملاء والإخوة.
ومنها التوازن وهو لب المحاضرة، كيف توازن بين العبادة: النوافل كقراءة القرآن، وبين أن تكون داعية، وبين حضور المراكز الإسلامية، وبين حقوق الوالدين وحقوق الأصدقاء والحقوق العامة.
أتحدث لكم عن مسائل نعيشها، كخوارم المروءة التي لا يسلم منها إلا الفطناء، وأخطاء في منهج طلب العلم، والالتزام الظاهر على حساب التزام الباطن، ومنها الآداب العامة التي يخل بها كثير من الناس.
أيها الإخوة الفضلاء
الرسول عليه الصلاة والسلام ربى أصحابه، ووجد في المنهج الأول الذي عاشه النبي صلى الله عليه وسلم أخطاء من هؤلاء في أول الطريق فبَصَّرهُم الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد وجد شباب أرادوا أن يغلبوا جانب العبادة على جانب طلب العلم، وعلى جانب التفكر والتأمل، والدعوة؟
ووجد من يقول: والله لأصومن النهار ولا أفطره، وآخر يقول: لأقومن الليل ولا أنامه، وثالث يقول: لا أتزوج النساء، ورابع يقول: لا آكل اللحم، فاستدعهام صلى الله عليه وسلم لأنهم أرادوا تنظيم مبدأ جديد؛ لأنه هو المنظم وحده عليه الصلاة والسلام، ليس للإنسان أن يقترح بين يدي الله عز وجل ولابين يدي رسوله عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات:١].
فليس لك أن تقترح أو تأتي بشيء؛ إنما عليك أن تتوقف أمام الشرع، فأخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم: {أن من رغب عن سنتي فليس مني} أولاً هو القدوة، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:٢١].
يصلي فيقول: {صلوا كما رأيتموني أصلي} يحج عليه الصلاة والسلام فيقول: {خذوا عني مناسككم} إذاً لا بد أن يتبع.
وعند الدارقطني وقال النووي: رويناه في كتاب الحجة بسند صحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: {لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به} إذا علم هذا فالواجب علينا أن نتقيد بالشرع، وتقيدنا بالشرع يجعلنا نفكر في حركاتنا وسكناتنا، هل توافق الشرع أم لا.