للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحب يستر الإساءة]

وفيه أن الحب يستر الإساءة؛ لأن أبا زرع مع إساءته لها بتطليقها، لم يمنعها ذلك من المبالغة في وصفه إلى أن بلغت حد الإفراط والغلو.

يقول الحافظ: إن الحب يستر كل شيء، وحبك الشيء يعمي ويصم، فهذه المرأة تحب الزوج الأول ومع ذلك طلقها، وأحبها الثاني لكنها تمدح الأول، ومع أنه أساء إليها بالطلاق لكن قلبها معلق به يقول أبو تمام:

كم منزل في الأرض يعشقه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل

ويقول أحد الشعراء:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عيب السخط تبدي المساويا

يقول: إنك إذا رضيت عن إنسان رأيت سيئاته حسنات، ورأيته كامل الأوصاف، حتى تجد بعض الناس يصف صديقه وأنت لم تره فيقول: ولي من الأولياء، لا إله إلا الله! تتذكر أولياء الله إذا رأيت وجهه ثم يحسبه وينسبه حتى كأنه يصف أبا بكر الصديق، فإذا رأيته، فما هو بذاك الوصف الذي وصفه، لكنه أحبه، وتجد بعض الناس إذا أبغض إنساناً فإنه يدخل عليه بالمداخل، يقول: فيه كذا وكذا، ويتتبع السقطات والعثرات، فإذا رأيته وإذا هو أعظم وأكبر مما قيل فيه، فحب الشيء يعمي ويصم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>