للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النصح في الله]

إذا استنصحك فانصحه، وهي: النصيحة الواجبة، وهي النصيحة التي لا تقوم الأمة إلا بها، وهي ميثاق الأخوة، ودستور الأحباب، ولسان حال الناصح يقول: وأنصح لكم، وهتافه الخالد يقول: وأنا لكم ناصح أمين، فالمؤمنون يتناصحون والمنافقون الأدعياء يتفاضحون.

قال علي: [[المؤمنون نصحة والمنافقون غششة]] وقد قلَّ الناصح، ومن نصح اتهم واستثقل، وظن أنه لا يريد الحق واتهم في نيته وفي غرضه.

ومن علامات الناصح: أنه لا يجر نفعاً لذاته وحده ولا لشخصه، لكنه لأمته ولبلده، يريد الخير فينصح، ولا بد للأمة من ناصح، ويوم تموت النصيحة تموت الأمة.

بايع جرير بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشترط عليه: {والنصح لكل مسلم}.

وأما طمس المعايب وإخفاؤها ودفنها دون أن تبين، فهو النفاق بعينه الذي لا يرضاه الله، ويوم يسكت الناطق بالنصيحة في الأمة تموت هذه الأمة وتنتهي.

يقف عمر بن الخطاب على المنبر يريد من ينصحه، فيقول: أيها الناس! ماذا ترون لو أني ملت عن الطريق هكذا؟ أي: عن طريق إياك نعبد وإياك نستعين، عن العدل، عن اهدنا الصراط المستقيم، فقام أعرابي من آخر المسجد، بسيف فسله أمام عمر، وقال: والله يا أمير المؤمنين! لو رأيناك ملت عن الطريق هكذا، لقلنا بالسيوف هكذا، فقال: اجلس بارك الله فيك! الحمد لله الذي جعل في رعيتي من لو ملت عن الطريق هكذا قالوا بالسيوف هكذا، وهذا هو الحوار، وهذه هي النصيحة، وهذه هي الكلمة القوية، وهذه شجاعة أهل الإيمان، وهذه هي المادة التي أسسها محمد صلى الله عليه وسلم وهي أن تنصح له.

<<  <  ج:
ص:  >  >>