[المقصود بقوله: مكافئتان]
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم في السنن بسند صحيح: {عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة} بفتح الفاء أو بكسرها.
ما معنى هذا؟
قيل: معناها متقاربتان في السن، فلا تكون هذه كبيرة من القرن السادس، ولا تكون هذه صغيرة بعد الحرب العالمية الثانية.
بل تكون متقاربة في السن بعضها من بعض، فلا يأخذ جذعة ومعها كبيرة قد سقطت أسنانها واتقو الله ما استطعتم.
وقيل: التكافؤ: أن تكون مستويتان في النوع، فلا تكون هذه ماعز وهذه ضأن، وهذه ضأن عراقية وهذه نجدية، بل تكون من أسرة واحدة، وتكون رضعت في سنٍ واحدة ولكن هذا بُعدٌ وتكلف، إنما أن تكون متقاربتين في السن، ولا بأس أن يكون تيساً وكبشاً أي: من الضأن.
ولا بأس أن تكون أنثيين، ولكن الذكران أحسن؛ لأن عطارد بن حاجب يقول لـ سجاح التي ادعت النبوة:
أضحت نبيتنا أنثى يطاف بها وأصبحت أنبياء الله ذكرانا
والله عزوجل يقول: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران:٣٦] {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:١١] فالأحسن أن تكون كباشاً؛ لأنها تستسمن ولأنها عبادة، ولأنها من المناسبات الإسلامية، ولو كانت ولائم لاستسمنها الإنسان، وبعض الناس يفعل ذلك إذا كان في زواج، ويدعو الوجهاء فلا يأخذ إلا أغلى شيء، لكن إذا كانت عقيقة، أخذ قحمة شوهاء هلتاء مرتاء، قد أكل عليها الدهر وشرب، ثم ذبحها وقال: اللهم اكتب لي بها ولذريتي ولإخواني وأعمامي الجنة فهذه أولى من مناسبات الدنيا، فهي مناسبات دينية.
يقول مالك بن أنس رحمه الله: تذبح شاة عن الذكر وشاة عن الأنثى.
قلنا له: يا أيها الإمام المعتبر! أتت السنة بشاتين عن الذكر وشاة عن الأنثى، والسنة تقدَّم على رأي كل واحد من الناس؛ لأنها سنة محمد عليه الصلاة والسلام.
واستدل بحديث بريدة الأسلمي: {كنا نذبح شاة شاة عن الذكر والأنثى} قلنا: الحديث فيه كلام، ولكن ما هو دليلك الآخر؟
قال: وعن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه قال -كما في السنن -: {عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين شاة شاة} قلنا: لا.
بل ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة} وهذا حديث حسن.
فكيف نجمع بين هذه الروايات؟
الجمع أن يقال: أولاً: زيادة الشاة زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة.
ثانياً: نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين شاة شاة، وهذا فعل، ولكنه قال للناس: عن الغلام شاتان.
والقول عند أهل الأصول يقدم على الفعل.
إذاً: فالراجح الذي عليه الجمهور: أنه عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة واحدة، فهذا هو الصحيح، وهذا هو تحقيق المسألة، والجمع يكون من وجهين كما تقدم، ويرد على من ذهب إلى ذلك المذهب الضعيف.