إن الحمد لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ونستهديه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إخوة الإيمان! يا حملة التوحيد! يا أرباب المبادئ! عنوان هذه الخطبة "إلى الرفيق الأعلى".
من الذي قال هذه الكلمة؟ من هو أول من أنشأها؟ ومتى قيلت؟
القائل: هو محمد عليه الصلاة والسلام، قالها في سكرات الموت، في آخر لحظة من لحظات الحياة يوم مات كما مات الناس، وفارق الحياة كما فارقها الناس، فهو بشر يموت كما يموت البشر، وهو في سكرات الموت شخص طرفه إلى السماء، وهو يقول: إلى الرفيق الأعلى، إلى الرفيق الأعلى، وهذه الأيام تناسب تلك الأيام التي مات فيها عليه الصلاة والسلام، فإنه مات بعد الحج.
حج بالناس فوقف محرماً في عرفة، حاسر الرأس، أشعث أغبر، فقال وهو يخاطب مائة ألف من المؤمنين:{يا أيها الناس! إنكم مسئولون عني غداً، وأنا مسئول عنكم، فما أنتم قائلون لربي غداً؟