وهذا حطم الرقم القياسي في كثرة الأكل، كان يأكل خروفاً وفرقاً من الذرة في مقعد واحد بحفظ الله ورعايته، دخل على عمر رضي الله عنه، فقال: أطعمني يا أمير المؤمنين.
فأطعمه خبزاًَ، قال: زدني.
فأطعمه ثريداً، قال: زدني، فأطعمه زبيباً، قال: زدني.
قال: انتهى ما عندي - ميزانية عمر قليلة - قال: زدني.
قال: من الحرة أي: من حجارة الحرة وقال له عمر: أين صمصامتك التي تقاتل بها الناس؟ قال: هذه.
فوجد عمر أن السيف ليست قوية، فقال: ما أرى قوة.
قال: إنك رأيتها وما رأيت الساعد الذي يضرب بها، فقال عمر: الحمد لله الذي خلقنا وخلق عمراً واعتدي على قبيلته مذحج في ظلام الليل -اعتدت عليها قبيلة كندة أو قبيلة أخرى- فسلبت نساءهم وأخذت أموالهم، فخرجوا في الصباح يقاتلون فانهزمت القبيلة، ولم يكن عمرو معهم؛ فلما حضر أخذ فرسه وأخذ السيف ونازل قبيلة كندة كلها، فأخذ يقاتلهم ويقاتلونه حتى يقول في قصيدته:
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
فأخذ يكيل لهم الضربات إلى صلاة العصر فهزمهم جميعاً، فسمته العرب (أقدم العرب) حتى يقول أبو تمام للمعتصم:
إقدام عمرو في سماحة حاتم في حلم أحنف في ذكاء إياس
وقد أسلم ثم ارتد رضي الله عنه، ثم أسلم وعاد إلى الإسلام، فقاتل في القادسية وانتصر نصراً مؤزراً مع المسلمين، ويضرب به المثل في الشجاعة.