والأمر الذي أريد أن أنبه عليه ألا تخافوا من النقد -أيها الإخوة- كونوا عصيين على النقد، ولا يرهب أحدكم أن ينقد، فإن كان النقد صحيحاً موجهاً فعليه أن يقبله وأن يدرسه ويتأمله، وإن كان النقد لا يصلح فعليه أن يرميه.
ودائماً يتلقى أحدنا عشرات الأوراق، يعرف أن بعضها من منافقين أو مغرضين أو حسدة، فجزاؤها أن يأخذها إلى سلة المهملات فيقطعها إرباً إرباً ويرميها ويقول: ترد عليكم هذه السلة.
وأما البعض فيعرف أنها من أخ أو من ناصح أو من محب؛ فيقرؤها ويتأملها ويصحح من مساره ويستفيد منها.
فلماذا نخاف من النقد؟ ولماذا نعتبر أن الإنسان إذا نقد أن هذا النقد هو من العداء وأن الناقد عدو لنا؟ هذا ليس بصحيح، فلابد من النصيحة قال علي رضي الله عنه:[[المؤمنون نصحة، والمنافقون غششة]].
أيضاً: أطالب إخواني ونفسي أن نظهر الرأي في قالب الأدب، فعلينا أن نتكلم بأدب في رأينا وحوارنا ومناقشتنا، وأنا لا أعرف أن الدعاة يجرحون، ولو أنها وصلتني رسائل من بعض الناس يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول على رءوس الناس: {ما بال أقوام يفعلون كذا} فالواجب على الدعاة ألا يجرحوا المؤسسات ولا الهيئات والأشخاص، وأنا قلت: ما جرح الدعاة أحداً، ولا جرحوا مؤسسة، إنهم يتكلمون من واقع، ولأنه ما دام قد نشر الفساد فلا بد أن ينشر الحق، ولا بد أن ينبه على الباطل، أما أن تعلن كلمتك بين ألف وتطلب مني أن أعلن كلمتي في سر وأنت تتكلم بجهر، فلا يصح هذا.
الأمر الثاني: من قال إن الدعاة بهذا المستوى؟! الحقيقة أن صورة الدعاة ملطخة، ليست بصورة صحيحة كما هي عليهم يقولون عنهم: متطرفون ومتزمتون، ويرون الخروج على الحاكم ويرون نقض البيعة.
وأنا والله لا أعلم داعية يعتقد هذا، فمثل هذا الكلام لا يصح ولا يحمل، لكن يا أيها الإخوة لا بد أن نعيش الحوار، فلماذا إذا نقدنا مؤسسة غضب أهلها، أهم يريدون مدحاً فقط؟! فلا رأي ولا دراسة ولا ملاحظة ولا نصيحة، وهذا لا يصح، يعتبر الغرب بما فيهم الأمريكان وحتى الاتحاد السوفيتي أن أعظم دولة ديمقراطية تعيش الحوار هي إسرائيل، هكذا اعتبارهم في الإعلام، والله أعلم بهذا، لكنها عندهم أعظم دولة في الشرق تعيش بالحوار وإبداء الرأي والأخذ والرد والمساءلة، ويمكن أن يكون هذا، مع العلم أني أبرأ إلى الله من اليهود، وأسأل الله أن يمكننا منهم وأن يجعلنا شهداء في الحرب معهم.