[حكم حمل السلاح في الأعياد]
المسألة التاسعة: كيف يجمع بين لعب الحبشة بالسلاح في العيد وبين النهي عن حمل السلاح في الأعياد؟
لقد عقد البخاري باب ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم، ويجمع بينهما بأمور:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتألفهم إلى الإسلام فتركهم يلعبون بالحراب في العيد.
الأمر الثاني: أنه لا يخاف منهم أشراً ولا بطراً ولا تجبراً ولا تكبراً.
الأمر الثالث: أنه لا يخاف منهم أن يعدو بعضهم على بعض، وإنما منع حمل السلاح في الأعياد لأن بعض الناس والقبائل بينهم ثارات أو بعض الأشخاص قد يأخذونه فرصة فيقتل بعضهم بعضاً في مجمع الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم منع من إدخال السلاح في الحرم وحمل السلاح في الأعياد والمناسبات، حتى أتى ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه مكة لما حج الحجاج الطاغية؛ فطعن أحدهم ابن عمر في رجله -رضي الله عنه وأرضاه- برمح، فأتى الحجاج يزوره، ويقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.
يقول هذا دجلاً ويقول: من طعنك؟ ليتني أدري، وهو الذي أمر بطعنه كما يقول بعض أهل العلم، قال ابن عمر: أنت الذي طعنتني.
قال: ولمه؟ قال: أمرت بإدخال السلاح في يوم لا يدخل فيه السلاح، فدعا عليه ابن عمر، ومات منها ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه.
فهذه مسائل هذا الباب الذي عقده البخاري في كتاب العيدين، والذي أتحفنا به، وكل كتب البخاري وأبوابه حسنة، بل تزداد حسناً كلما تأملها الإنسان وتدبرها، وكأن القائل حينما يرى هذا التبويب وهذا الكلام وهذا الجهد المشكور يقول للبخاري:
بالله لفظك هذا سال من عسل أم قد صببت على أفواهنا العسلا
أم المعاني اللواتي قد أتيت بها أرى بها الدر والياقوت متصلا
لو ذاقها مدنف قامت حشاشته ولو رآها غريب داره لسلا
اللهم بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، وتوفنا ما كانت الوفاة خيراً لنا، اللهم إن نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.