للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الرسول صلى الله عليه وسلم يعيش أطوار الحياة]

إنه عليه الصلاة والسلام يعيش أطوار الحياة, وأيام العمر في الأعمال والمهن, تاجر عليه الصلاة والسلام بالمال, باع واشترى, رعى الغنم ورعى الأمم, حلب الشاة، وخصف النعل، ورقع الثوب, اغتنى فشكر, وافتقر فصبر, حارب فكان الشجاع الذي يرهبه الأبطال, وتنهزم أمامه الجيوش, وسالم وكان الوفي الملتزم بالمعاهدات, سافر وأقام, مرض وصح, سقم وشفي عليه الصلاة والسلام, بكى وضحك, ليكون لك قدوة في هذه المراحل جميعاً.

لبس الجديد إظهاراً للنعمة وإغاظة للباطل, ونحن نلبس الجديد لنقول لله بلسان الحال: لك الحمد يا من ألبسني الجديد, نلبس الجديد لنظهر روعة الإسلام, وجماله, وعظمته, واقتداءً برسولنا عليه الصلاة والسلام, نلبس الجديد لنقول للناس: قد أنعم الله علينا فله الحمد وله الشكر, ولبس عليه الصلاة والسلام البالي تواضعاً للباري, لبس الصوف القديم البالي ليظهر أنه عبد مسكين, يجلس مع الفقراء والمساكين, ويحب الأيتام, ويزور الأرامل, ويقف مع العجائز, ويأخذ بألباب وعقول الناس قال تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:٦٣].

ذاك هو محمد عليه الصلاة والسلام ربَّى الأطفال وضاحكهم, ومازح الأهل وسامرهم, في الصلاة الفريضة كما في الصحيحين يأخذ عليه الصلاة والسلام أمامة بنت بنته زينب وهي طفلة, فيحملها في الصلاة ويصلي بالناس، وهو بالفريضة والطفلة على كتفه, فإذا سجد وضعها، وإذا قام رفعها, لماذا؟ لأنه أبو الأطفال, ويأتي وهو ساجد فيأتي الحسن فيرتقي على ظهره, والحسن عمره ثلاث سنوات أو أربع, فلا يرفع رأسه من السجود حتى ينزل الحسن , فلما سلَّم عليه الصلاة والسلام، يلتفت للناس ويقول: {لعلي أطلت عليكم إن ابني هذا ارتحلني -أي: صعد على ظهري- وخشيت أن أؤذيه فمكثت حتى نزل} , أيُّ خلق.

؟!

ويخطب عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة, فيأتي الحسن وعمره أربع سنوات، فيتخطى في ثوبه، ويقع مرة ويقوم مرة, فينزل عليه الصلاة والسلام ويترك الخطبة، ويحمل الحسن ويجلسه معه على المنبر، ويضع يده الشريفة على رأس الحسن ابن بنته فاطمة , ويقول: {إن ابني هذا سيد, وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين} وبالفعل يصبح الحسن سيداً ويصلح الله به بعد أربعين سنة أو خمسين بين أهل الشام وأهل العراق في الواقعة المشهورة, فيحقن الدماء ويضع الحرب والحمد لله.

ويأتي عليه الصلاة والسلام مكرماً للضيوف يتحفهم ويسامرهم, ويقطع لهم اللحم, ويبشُّ في وجوههم ويعانقهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>