للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

أيها المصطاف! إن من فرائض الله عزوجل على عباده: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل زمان ومكان، ويوم تترك الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تصبح أمة أشبه شيء بالدواب؛ أمة بهيمية لا قداسة لها ولا روح، حينها ينزع عنها الله جلباب الوحي، ويخطب الدجالون من على منابرها، وتضيع كرامتها، ويتهدم تاجها، ويتزلزل بنيانها، وتصبح في آخر الأمم، وفي سياق الركب قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:١١٠] لكن متى؟! قال تعالى: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].

وقد نعى الله على قوم خسروا وخابوا، إنهم اليهود، عملاء الخيانة، بنو إسرائيل، كانوا لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، فلعنهم الله بصنيعهم الخائن الخائب قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٨ - ٧٩].

إنك أيها المصطاف في رحلتك هذه داعية إلى الله، تدعو من ضل إلى سبيل الله، وتُبصر من عمي عن منهج الله، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:١٢٥] {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف:١٠٨] قل يا محمد للعالم وللدهر وقل للإنسانية، وللتاريخ {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف:١٠٨] هذه طريقي، ما هي؟

{أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:١٠٨] قال أهل العلم: البصيرة: العلم، وقيل: الحكمة، وقيل: اللين، وقيل: التدرج، والصحيح: أن الجميع هو البصيرة، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:٣٣] تدعو من في أماكن الاصطياف وفي النزهات، تدعو من تهاون عن الصلاة؛ إذ كثير من الناس أصبحت الصلاة في حياته ثانوية، بل بعضهم أكل نعم الله وكفر بفرائض الله، فلا يسجد ولا يركع ولا يسبح ولا يقرأ القرآن؛ كأنه دابة في مسلاخ إنسان.

تدعو من رفض الحجاب الشرعي؛ وأذعن لنعرات وصيحات الغرب وعملاء الضلالة، فرفض الحجاب وكفر به، وآمن بالاختلاط، وسفك مروءته وصيانته واحترامه وعرضه أمام الآخرين.

تدعو من شغل وقته وعمره بالغناء الماجن؛ فهو لا يعيش إلا على اللهو، قد امتلأ قلبه من اللهو والعبث، وقسا قلبه، وأعرض عن ربه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>