للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى الحنتم والنقير والمزفت والدباء]

فقالوا: إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحي من كُفَّار مُضر، فمرنا بأمر فصل، نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة -لأنهم هم أهل أشربة وقد كثرت النخيل والأعناب في بلادهم، فاضطرتهم أن يسألوا عن الأشربة- فأمرهم صلى الله عليه وسلم بأربع ونهاهم عن أربع -وهذه هي مفاتيح النجاة في الدنيا والآخرة- أمرهم بالإيمان بالله وحده قال: {أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان} هذه الأربع وأما أداء الخمس؛ فإنه لا يدخل في الأربع، لكنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم ألحقه بها لأنهم أهل أموال من المغانم.

{ونهاهم عن أربع: عن الحنتم} الحنتم: هي جرار الخمر، وجرار جمع جرة، ينتبذون فيها، فيضعون فيها التمر والعنب فيتخمر، ثم يسكر، ثم يشربونه، فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن هذه الآنية.

نهاهم {عن الدباء} الذي هو القرع، يجوفون ما في داخله فيخرجونه ثم يجعلونه آنية كالصحاف وكالآنية المعروفة فيضعون فيه الزبيب والتمر والعنب فيتخمر فيشربونه.

{والنقير}: هو أصل النخلة، يأخذون أصل النخلة فينقرونه، ثم يضعون فيه هذه السوائل، فتتخمر، ثم يشربونها.

{والمزفت}: هي الآنية من الخشب التي تُطلى بالزيت.

والمقير: هي التي تُطلى بالقار، القار: نوع من أنواع الزفت، فيُطلى به؛ فإذا وضع فيه السائل تخمر، فإذا تخمر شربوه، فيصبح الإنسان كالدابة لا يعرف شيئاً، لأعقله ذاهل، فيقول صلى الله عليه وسلم -هناك زيادة في الحديث- قال: {إنكم تأخذونه، قالوا: يا رسول الله! من أخبرك بالحنتم والنقير والمزفت والمقير؟ قال: أنتم تفعلون ذلك، فتبسموا! قال: فتشربون الخمر، فيعمد أحدكم بسيفه إلى ابن عمه فيضربه} قال وفد عبد القيس: وكان فينا رجل ضربه ابن عمه بالسيف، ورسول الله لم يدرِ، فكان يُغطي بعمامته جبهته أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قال: {احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم} والصحيح في مسألة الآنية أنها منسوخة؛ كما قال الإمام أحمد أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر العهد لما فقه الناس وفهموا، قال: {اشربوا في كل إناء -غير الذهب والفضة- ولا تشربوا مسكراً} فالمسكر حرام، وأما بعض أهل العلم، فقالوا: الحرمة مستمرة وليس هناك ناسخ، والصحيح: أنها منسوخة، وأن الإنسان المسلم يشرب في كل إناء إلا إناء الفضة والذهب ولا يشرب مسكراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>