[أمور تعين على الثبات]
إن قضية ضرب التوجه الإسلامي ووصمه بالتطرف؛ هذا من أعظم الحروب، وينبغي لنا أن نثبت، والثبات مبني على ثلاثة أُسس:
الأساس الأول: أن تعلم أن من سنن الله في الكون أن يحارَب الصالحون قال تعالى:
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:٢ - ٣] {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين:٣٠ - ٣٣] وهذا من عهد رسالته عليه الصلاة والسلام، فقد سموه: شاعراً، وكاهناً، ومجنوناً قال تعالى: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التكوير:٢٢] {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:١ - ٢].
إذاً: فاعرف أن قدوتك هو محمد صلى الله عليه وسلم.
الأساس الثاني: اعلم أنها من الحسنات التي تُدَّخر لك عند الله، وتكفيرٌ للسيئات
قال ابن سيرين: وددتُ أن الناس لا يأثمون، وهم يغتابوني.
لماذا؟ لأنهم يكفرون من سيئاته.
ونقل الغزالي عن الحسن البصري أن رجلاً اغتابه، فأخبر الحسن، فأهدى له طبقاً من التمر، وقال: يهدي لنا حسناته ونهدي له تمرنا.
وهذه مدرسة عملية، ولذلك لا يهمنا من يهاجمنا ويسبنا، نقول: الحسنات من الله، وهذه كفارات للسيئات.
الأساس الثالث: أن العظماء دائماً مبتلَون، وقد قيل:
شكوتَ من ظلم الوُشاة ولم تَجِدْ ذا سؤدد إلا أُصِيْبَ بِحُسَّدِ
لا زلت يا سبط الكرام مُحَسَّداً والتافه المسكين غير مُحَسَّدِ
أتظن أنه يُحسد إنسان لا هم له في الحياة، رجل ينام الليل والنهار، ضائع في الدهر؟! تحسده على ماذا؟!
إن العرانين تلقاها مُحَسَّدةً ولا ترى لكرام الناس حُسَّادا
فيا إخوتي: إنما حُسدتم وهوجمتم بسبب ما عندكم من عَظَمَة، لأنكم تمثلون الخلود في رسالة محمد عليه الصلاة والسلام، وأنتم امتداد لتلك الدعوة العالمية: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:١٠٧] فالضائع الذي ما عنده نور ولا هداية لا بد أن يهاجمك، ولا بد أن يعاديك.
فعليك بهذه الأسس وافهمها وتدبرها.