إطلاقه صلى الله عليه وسلم لفظ الجاهلية على أبي ذر، معناه أنت امرؤ ما زالت فيك شعبة من شعب الجاهلية الوثنية، التي كانت قبل الإسلام وقبل لا إله إلا الله، قبل أن تأتي الدعوة الخالدة، والجاهلية أطلقت في القرآن في عدة مواضع:{فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}[الفتح:٢٦] فهي الانتصار للباطل، والحمية على الباطل تسمى جاهلية.
وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}[الأحزاب:٣٣] فالخروج على الحدود وعلى أحكام الله جاهلية.
وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة:٥٠] فمن ابتغى حكماً غير حكم الله، فهو جاهلي، والمجتمع الذي يبتغي حكماً غير حكم الله مجتمع جاهلي، وأحد الكتبة المشكورين المأجورين ألف كتاباً بعنوان (جاهلية القرن العشرين) فالمجتمع الذي يريد حكماً غير حكم الله جاهلي، والإنسان الذي فيه شيء من أوضار الجاهلية والوثنية فيه شعبة من شعب الجاهلية، والمرأة التي تتبرج وتخرج على الحجاب تعيش في فترة جاهلية، وهي جاهلية أيضاً.
هذا قوله صلى الله عليه وسلم:{إنك امرؤ فيك جاهلية} لماذا قال له صلى الله عليه وسلم: إنك امرؤ فيك جاهلية؟
لأنه سبه بشيء لا ينبغي أن يسب به، ترك مكارم بلال، ترك أن بلالاً استجاب للإسلام، ونسي أنه سجد لله، وأنه مؤذن الإسلام، نسي أنه مجاهد، وأتى بأشياء ليس فيها عيب، أتعيب الإنسان بلونه؟!
أأنت الذي خلق أم الله؟!
لونه لا يزيد فيه ولا ينقص، نحن لا نعترف بالألوان، واختلاف الألوان، واختلاف الدماء، ودعاة القومية قاتلهم الله أنى يؤفكون، يقولون: الدم العربي، اللسان العربي، العنصر العربي، وهذه دعوة أتاتورك، يوم جعلها تركية، قاحلة قبيحة.
ودعوة غاندي يوم جعلها هندية، فنحن نقول: إسلامية.
دعها سماوية تجري على قدر لا تفسدنها برأي منك منكوس
ساداتنا وقاداتنا بلال بن رباح وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وخباب بن الأرت مولى من الموالي، وهؤلاء نجوم الإسلام وأمثالهم وأضرابهم كثير، ولكن قبل أن أنفذ إلى شيء من التمييز العنصري وبعض مسائله، من هو أبو ذر؟
وهذا قد تكرر معنا، ولكن أذكره للفائدة؛ ولأن المعاني التربوية أكثر فائدة من كثير من المسائل الفرعية.