للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كتب في الشعر]

أما الشعر فمن أحسن كتب الشعر التي وردت عند المسلمين وهي: مختارات البارودي وهو في أربعة مجلدات، جمع شعراً من أروع الشعر، ثلاثون شاعراً في الإسلام من صدر الإسلام إلى عصر المولودين بعد: بشار بن برد، وأبو الطيب المتنبي، وأبو تمام، والبحتري، وأبو العلاء المعري، وعمارة اليمني، والأبيوردي، وابن الخياط، وأبو العتاهية، وابن الرومي جمع لهم أحسن ما قالوا، فحبذا أن يكون في مكتبتك مختارات البارودي.

ديوان المتنبي لا تغفل عنه، فهو شاعر العربية بلا منازع، وما أحسن شعره! ويستشهد به ابن تيمية وابن القيم كثيرا، وما أحسن لطائفه وإيراداته، وإشراقاته، وليته استخدم شعره في الإسلام وفي خدمة لا إله إلا الله ونصرة لا إله إلا الله، لكنه ذهب وشرَّق وغرَّب، يريد الإمارة وما حصل عليها، يذهب إلى هذا أنت بدر الزمان، وأنت مجدد هذا القرن، وأنت درة هذا العصر، ثم إذا تغاضب معه سفك ما بينه وبينه من حياء، وذهب إلى كافور وقال:

قطعت المرورى والشناخيب دونه وجبت هديراً يترك الماء صاديا

ويقول فيه:

ومن مثل كافور إذا الخيل أحجمت وكان قليلاً من يقول لها اقدمي

ويقول له، حيث كان كافور اسمه أبو المسك:

أبا كل طيب لا أبا المسك وحده وكل غمامٍ لا أخص الغواديا

الرجل شاعر من الدرجة الأولى لكن انظر لما غضب عليه:

عيد بأية حال عدت يا عيد لما مضى أم لأمر فيك تجديدُ

إني نزلت بكذابين ضيفهم عن القرى وعن الترحال محدودُ

جود الرجال من الأيدي وجودهم من اللسان فلا كانوا ولا الجودُ

لا يأخذ الموت نفساً من نفوسهم إلا وفي يده من نتنها عودُ

لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيدُ

إلى أن يقول:

من علم الأسود المخصي مكرمة أقومه البيض أم آباؤه الصيدُ

أم أذنه في يد النخاس دامية أم قدره وهو بالفلسين مردودُ

حتى يقول: أنا ما أتيت أطلب منك إمارة يوم ذهب من عنده، أنا أتيت أنظر إليك، حتى يقول:

ومثلك يؤتى من بلاد بعيدة ليضحك ربات الخدور البواكيا

ثم ذهب إلى عضد الدولة، وقال لـ عضد الدولة أعظم مديحة:

فداً لك من يقصر عن فداكا فما ملك إذاً إلا فداكا

أروح وقد ختمت على فؤادي بحبك أن يحل به سواكا

إلى أن يقول:

إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى

لكن الرجل شعره في القمة، وأنا أوصي طلبة العلم أن يستشهدوا من شعره وأن يقفوا معه.

ومن الشعراء أبو تمام: وديوانه من أحسن ما قيل، وهو أحسن حالاً من المتنبي ولكن ذاك أشعر وله شعر لطيف في الإخاء وهو يناسب جلستكم:

إن كيد مطرف الإخاء فإننا نعدو ونسري في إخاء تالد

أو يختلف ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد

أو يفترق نسب يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد

وله أم المراثي، رثى بها محمد بن حميد الطوسي يقول:

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

توفيت الآمال بعد محمد وأصبح في شغل عن السفر السفر

إلى أن يقول وهذا الذي رثاه شجاع مقدام مجاهد من قواد المسلمين:

تردى ثياب الموت حمراً فما دجا لها الليل إلا وهي من سندس خضر

وما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلت عليه القنا السمر

عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر

من الشعراء المعاصرين:

أحمد شوقي فلا بأس من استصحاب شعره؛ فهو شاعر في القمة، ويسمى أمير الشعراء -سموه هكذا- وهذه الكلمة ليست فتوى.

ومنهم محمد إقبال: وهو شاعر إسلامي مجيد، وله قصائد مترجمة، مثل قصيدة: شكوى وجواب شكوى، ترجمة عبد الوهاب عزام.

أما مؤلفات العصر فأدلكم على مؤلفات عبد الرحمن بن ناصر السعدي علامة القصيم -رحمه الله- فهو من أحسن ما كتب في هذا العصر، وكتب سيد قطب، وكتب محمد قطب، وكتب أبي الأعلى المودودي الأستاذ الكبير، وكتب أبي الحسن الندوي والمنطلق والرقائق والعوائق لـ محمد أحمد الراشد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>