للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إشغال عامة المسلمين بالمعيشة فحسب]

ومما ذبح به الإسلام إشغال عامة المسلمين بالمعيشة فحسب؛ من طعامٍ وشرابٍ ومسكنٍ وزواجٍ ووظيفة، فلا تجد من يفكر في هموم الإسلام إلا قليلاً، يشعرون المسلم منذ أن يصلي الفجر وهو في همومه، من ورشته إلى بيته، إلى طعامه، إلى ثلاجته، إلى أطفاله، يشتري ويأكل، ويبني ويسكن، عنده عمارات، وعنده دور، وعنده دخل، وعنده فلوس، همه المعيشة فقط، وليس معنى ذلك أني أدعو إلى التجرد من الدنيا وتركها والانقطاع والرهبنة، لكن إلى الاعتدال، فإن أمر الله أعظم، فلابد من التضحية في سبيله، الصحابة برعوا وتاجروا وجاهدوا، لكن أعظم قضية عند الواحد منهم لا إله إلا الله، بالله عليك كيف يصبح أبو بكر الصديق؟! تظن أنه يتفكر في بيع الجمال والبقر؟ إنه كان يتفكر ماذا يقدم لهذا الدين، ما هي الوسيلة التي ينصر بها دين الله، والآن الملايين المملينة من العالم الإسلامي يعيشون في هامش المعيشة، حتى ضيق على العالم الإسلامي في معيشته ودخله، فأصبح يطارد اللقمة من مكان إلى مكان، حتى لا يشتغل فقط إلا بأطفاله ومعيشته وسياراته، ولا يتحرك للدين، ولا يخدم مبادئ الله عز وجل، ولا يعلم كيف يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان، ويعتمر ويحج، تمر به الأيام والأشهر، ولم يقدم للدعوة شيئاً.

أنا أعرف أن الأمة ليست كلها خطباء ولا دعاة ولا محاضرين، لكن فليذيعوا الشريط، ولينشروا الكتيب، تبرع، ابن مسجداً، شد من أزر الدعاة، ادعُ لهم بظهر الغيب، ذب عن أعراضهم، حاول أن تستخدم مهارتك أو قوتك التي منحك الله في نصرة الإسلام، إذا أتيت لتنام فاسأل نفسك: ماذا قدمتُ للإسلام في هذه الليلة؟ إن المستعمر نجح نجاحاً باهراً في ذبحه الإسلام حين جعل العامة يشتغلون بأنفسهم ولا يشتغلون بالإسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>