وذلك من الذين لا يتعلقون بحبل الله، ولا يلجئون إلى حبل الله.
أتى الحجاج بن يوسف فمر بـ الحسن البصري - الحسن البصري أمة من الأمم، وعالم من العلماء، وموجه من الموجهين، عرف الله- فمر به الحجاج والحسن يظن أن الحجاج ليس موجوداً -والي العراق - فمر الحسن بجمع من القراء وطلبة العلم، عند قصر الحجاج، قال: أين تذهبون؟
قالوا: نذهب إلى الحجاج لنأخذ أعطياتنا، فغضب الحسن وقام فألقى خطبة، وقال: هذا الحجاج بن يوسف، يقرأ القرآن على لخم وجذام، ويلبس لباس الفاسقين، ويعظ وعظ المعتبرين، ثم دعا على الحجاج.
فدخل الحجاج القصر وقال: علي بـ الحسن البصري، قال له وزراؤه ماذا تريد منه؟ قال: أريد قتله.
فذهبوا إلى الحسن في بيته، وقال الجنود للحسن: اذهب إلى الحجاج، قال: فأمهلوني قليلاً، فدخل واغتسل ولبس أكفانه من تحت الثياب وقال: يا حي يا قيوم،! يا ذا العزة التي لا تضام والركن الذي لا يرام! أسألك أن تقصم الحجاج وأن تسخره لي هذا اليوم.
ثم خرج، وفي أثناء الطريق وإذا بـ الحجاج قد تغير وهو على الكرسي قبل أن يدخل عليه الحسن البصري غيره الذي يغير الليل والنهار، والذي قلوب العباد بين يديه:{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً}[الفرقان:٣].
فلما دخل أخذ يرتعد الحجاج، ثم قام إلى الحسن وأخذ قارورة من الطيب فطيب لحية الحسن، وأجلسه بجانبه، وقال: لعلنا أزعجناك يا أبا سعيد! قال: نعم أزعجتني، قال: عد سالماً مكرماً، فلما خرج قال له مقربوه: ماذا حدث بك؟ قال: والله ما أن خرج من بيته إلا وأوقع الله هيبته في قلبي، حتى ما هبت أحداً من الناس كهيبته، وإنني خفت منه يوم دخل قصري أن يبطش بي.