وذكر ابن الماجشون في ترجمة ابن المبارك عن الحسن بن عرفة من تلاميذ ابن المبارك بسند جيد قال: أتى ابن المبارك من خراسان إلى بغداد ومعه قلم استعاره من رجل في خراسان ونسي القلم على أذنه حتى دخل بغداد فرأى القلم وقال: سبحان الله! نرد القلم إلى صاحبه، ثم ركب بغلته أياماً حتى رد القلم إلى صاحبه.
إن من يبلغ هذه الشفافية والمحاسبة والدقة لجدير أن ينال رضوان الله ورحمته.
يقول بعضهم:"ما بال السلف يشكون الذنوب وما بال الخلف لا يشكونها".
قال أحد العلماء:"مثلنا كرجل له ثوب أبيض وأسود، فإذا لبس الأسود فما عليه ما تلطخ به، فتجده ينام في المزبلة ويخرج وثوبه كما كان، ومثل السلف كمثل رجل لبس ثوباً أبيض فهو يتأثر بأي شيء، ولذلك صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في دعاء الاستفتاح:{ونقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس} لأن الثوب الأبيض لا يقبل، وهذا هو مثل السلف.
جاء شيخ صوفي خرافي إلى ابن تيمية وقال: "يا بن تيمية كراماتنا تفسد عندك وتنجح عند التتار، فيعجب التتار من الكرامات التي نأتي بها وأنت إذا أتينا إليك أبطلت كراماتنا.
قال ابن تيمية: مثلك كفرس أبلق، والتتار كأن أفراسهم سود ونحن أفراسنا بيض، فالأبلق إذا دخل بين السود أصبح أبيض، وإذا دخل بين البيض أصبح أسود، فأنت إذا ذهبت إليهم أصبحت أبيض بما عندك من بقية إسلام؛ لأنهم معرضون، وإذا دخلت بيننا أصبحت أسود لما عندك من بدعة"، وهذا مثلنا وحالنا وقد خلطنا، لكن يقول الله:{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[التوبة:١٠٢].
قال ابن عباس: [[(عسى) في القرآن للتحقيق]] فأسأل الله تعالى أن يحقق لنا ولكم التوبة، فوالله! إنا معترفون بالذنب والخطيئة، وإنا نعترف بالتقصير والندم يوم نقارن أعمالنا بأعمال الصحابة، يوم نقرأ تراجم السلف، من الصحابة والتابعين لا ننظر إلى واقعنا؛ لأن الجيل والشباب المستقيم يوم نظروا إلى واقعنا، رأوا واقعاً مزرياً فعدوا أنفسهم كأنهم من الصحابة، ولو نظروا للأخيار لنقص عندهم المقدار.