الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم لهداية الإنسان، فأتى عليه الصلاة والسلام والناس في جاهلية جهلاء، في حين لا تزال بعض أماكننا وبعض مناطقنا اليوم تعيش بعض الصور من تلك الجاهلية التي عاشها الناس قبله صلى الله عليه وسلم، أو عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هداية الناس، فلما أتى صلى الله عليه وسلم قال:{يا أيها الناس: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا} وعاد الناس، واستجاب من أراد الله أن يستجيب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال:٢٤].
وممن استجاب لله: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكلكم يعرف عمر الفاروق خليفة الإسلام، كان قبل الإسلام ليس له إرادة، ولا تفكير، ولا طموح، كان يعيش هكذا، مثل حال كثير من الناس؛ يأكل ويشرب وينام، لا يغضب إذا انتهكت حدود الله، ولا يحزن إذا فاتته صلاة، ولا يتألم إذا سمع شباب الإسلام غرقوا في المعاصي، إنما همه أن يبقى عليه رزقه ومرتبه ووظيفته، فأتى عمر فوضع يده في كف المصطفى صلى الله عليه وسلم وأسلم، لما سمع قوله سبحانه وتعالى:{طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}[طه:١ - ٢] ومن يوم أسلم بدأ قلبه حياً مع الله؛ لأن الله يحيي القلوب بعد إماتتها، واستمر في الإسلام، وبعد عشرين سنة أو أكثر تولى خلافة المسلمين، فأصبح خليفة ذهب الدنيا وفضتها تحت يديه، وأصبح هو المسئول الأول، فماذا فعل؟