[أنواع الحياء في الإسلام]
الحياء في الإسلام قسمان: قسم ممدوح، وقسم مذموم.
فأما الممدوح فهو: ما حملك على الجميل من الأقوال, والأفعال, والأعمال, والأحوال، وكذلك ما ردك عن المنكر، وعن كل ما يدنس المروءة، فهو من الحياء الممدوح؛ لأن المسلمين في الإسلام على ثلاث طبقات:
١ - أناس يحافظون على الفرائض ويستحيون من الله ثم من الناس أن يخلوا بالفرائض، وبعض الناس يحملهم إيمانهم وحياؤهم على ألا يخلوا بالفريضة حياءً من الله عز وجل.
٢ - وبعضهم يستحي من الله ثم من الناس أن يخل بالسنن كالنوافل والسنن الرواتب، وغيرها من السنن الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، وبعض الناس يرتقي به الإيمان إلى أن يستحي من الله عز وجل فيحافظ على السنن والنوافل.
٣ - ثم من الناس بعد أداء الفرائض والنوافل من يحافظ على آداب المروءة؛ فلا تراه يأكل واقفاً في السوق، ولا يمازح في السوق، ولا يأكل وهو يمشي، ولا يرفع صوته، ولا يمدح بمدح لا يليق بالمسلم، فهذا حياء محمود, وإن كان ليس بواجب عليه.
أما الحياء المذموم: فإنه ما رد صاحبه عن الخير.
يقول مجاهد رحمه الله: [[لا يطلب العلم مستحٍ ولا مستكبر]] فالحياء إذا منعك من طلب العلم، فهذا مذموم وباطل، وقد يأثم به الإنسان.
والحياء إذا منعك من حضور مجالس الذكر فهو مذموم؛ لأن بعض الناس يقول: كيف أنا أتواضع وأذهب وألبس بشتي، ثم آتي إلى المجالس؛ وأجلس من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، وأدخل مع الناس.
ذكر الذهبي أن بعض الناس يقول: أنا لا أصلي مع الجماعة في المسجد؛ لأنه سوف يصلي معك الزبالون والبائعون؛ وأنا مروءتي تمنع ذلك، قال الذهبي معلقاً عليه: "لعنها الله من مروءة!! "
نعم, إن كانت مروءة تحمل صاحبها إلى أن يترك الأعمال الصالحة والسنن ومجالس الذكر فهذه مروءة ملعونة؛ لأن المروءة كل المروءة في أن تتواضع، وتجلس في حلق الذكر، وتأتي إلى من هو أقل منك علماً وفهماًَ وديناً واستقامةً فتستفيد منه.
[[كان علي بن الحسين (زين العابدين) رضي الله عنه وأرضاه يأتي إلى زيد بن أسلم -وهو مولى- فيجلس بين يديه، فقال له التابعون: يا علي! كيف تجلس لهذا المولى وأنت سيد من السادات؟
قال: السيد من اتقى الله، وإنما يجلس الإنسان إلى من يستفيد منه، أو يفيده علماً]].
ومن الحياء المذموم ما منعك عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا باطل ويأثم عليه العبد؛ لأنه ليس مقبولاً عند الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.