للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أسباب مرض القلوب]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أيها السامعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نسأل الله لنا ولكم ثباتاً وقبولاً وهدايةً وسداداً, ونسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالى أن يزيدنا فقهاً في هذا الدين, وأن يجعلنا من المتمسكين والمتشبثين به, إنه ولي الهداية والقادر عليها.

إخوتي في الله: عنوان هذه المحاضرة: (دواء القلوب المريضة).

الأجسام تمرض ومرضها سهل يسير، وقد فتح الناس لها مستشفيات وعيادات وصيدليات, وقد قام الأطباء والممرضون والصيادلة بعلاجها, ولكن القلوب مرضها هو الخطير, وهو المدمر وهو المهلك وهو الذي ينتهي بصاحبه إلى نار تلظى.

والأطباء هم الرسل عليهم الصلاة والسلام والعلماء المخلصون والدعاة النابهون, وسوف أستعرض معكم هذه الليلة في دواء القلوب المريضة مسيرة -إن شاء الله- في عناصر, وسوف يكون هناك في آخر المحاضرة تنبيه مهم أوجهه إليكم وإلى كل سامع، علّ هذا التنبيه أن يصادف قلباً أو سمعاً أو يصادف من يعيه ويعمل به إن شاء الله.

لهذه المحاضرة عناصر:

مرض القلوب على قسمين: (مرض شبهات - ومرض شهوات) وقد تحدث القرآن عن القسمين وعن المرضين وعن الصنفين.

أسباب مرض القلوب, وهي ستة أسباب:

السبب الأول: وهو أفتكها وأخطرها وأشنعها وألعنها وأبغضها: الشرك بالله.

فهو الذي يمزق القلب, ويودي بصاحبه إلى نار جهنم خالداً مخلداً فيها, لا يخرج منها أبد الآباد, ولا يجد نعيماً ولا لذة ولا روحاً ولا رائحة خلود ولا نعيماً ولا قرة عين أبداً.

الشرك -والعياذ بالله- قال تعالى فيه: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣١] {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة:٧٢].

السبب الثاني: المعاصي.

فهي تمرض القلب وتجعله محموماً لا يعي ولا يفهم.

ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل لم يهده الهاديان السمع والبصر

بل تجعل القلب مضطرباً لا يسكن إلى شيء.

السبب الثالث: الغفلة.

وقد ذم الله أصحابها وأهل الغفلة هم الذين أعرضوا عن تعلم الوحي والذكر ومجالس الخير والتفقه في الدين فهؤلاء أهل غفلة وسوف يأتي تفصيل أمرهم إن شاء الله.

السبب الرابع: الإعراض.

وأهل الغفلة آخرون غير المعرضين, فأهل الغفلة الذين سمعوا الوحي والقرآن والخطب والمواعظ لكن على قلوبهم حجاب وغفلة ما استفادوا من هذا وما أفادوا وما نتج فيهم الخير فهؤلاء أهل غفلة, وأهل الإعراض هم الذين ما تعلموا العلم الشرعي ولا تفقهوا في الدين ولا سألوا عن أمور الدين، وسوف تأتي الأدلة والأحاديث والنصوص في ذلك.

السبب الخامس: الاشتغال بالدنيا.

بحبها وبصرف الوقت لها وسوف يأتي تفصيل ذلك.

السبب السادس: كثرة المباحات والإسراف في المطعومات والملبوسات والمشروبات.

ثم نصل إلى سهام تمزق القلوب، ونقف مع هذه السهام التي مزقت قلوب كثير من الناس, ثم ننفذ إلى آيات الدواء التي في القرآن والتي عالج الله بها قلوب المسلمين ورحم الله بها أرواح المؤمنين، ثم الأحاديث التي تحدث الرسول عليه الصلاة والسلام فيها عن هذا العلاج والدواء، وهو طبيب القلوب بأبي هو وأمي.

ثم أخبار الذاكرين لله, وفي الأخير: الأنبياء وذكرهم, وفوائد الذكر ثم ننتهي إلى التنبيه الذي أشرنا إليه أولاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>