للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم نظرة المرأة إلى الرجال]

المسألة السادسة: نظر المرأة إلى الرجال من غير ريبة:

تقول عائشة: {وضعت خدي على خد الرسول صلى الله عليه وسلم وأنا أنظر إلى الحبشة} فهل في هذا جواز نظر المرأة إلى الرجال؟

أولاً: قال الإمام النووي: نظر المرأة إلى الرجال بشهوة حرام بالإجماع، ولذلك قال أعز من قائل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:٣١] فالغض هنا واجب إذا كانت هناك ريبة وشهوة.

وأما عند انتفاء الريبة فقال: في المسألة خلاف والأصح ألا تنظر، ولكن الذي يبدو لي أنه إذا لم يكن هناك ريبة؛ فلها أن تنظر، إلى الرجال، فإن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن ينظرن إلى وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكن ينظرن إلى وجه أبي بكر على المنبر وهو يخطب وكذلك عمر، ولو كان لا يجوز للمرأة أن تنظر كان أمر الرجال أن يحتجبوا وأن يغطي الرجل على وجهه حتى لا تنظر إليه المرأة كما تفعل المرأة في جبال الطوارق في الجزائر حيث يتغطى الرجال والنساء سافرات! يسمون قبائل الملثمين، هم مغطون ويرون الطريق بحفظ الله ورعايته لكن المرأة لها أن تنظر كاشفة عن وجهها.

ووضع الندى في موضع السيف بالفتى مضر كوضع السيف في موضع الندى

فلو كان النظر إلى وجه الرجل حرام؛ كان الرجال أمروا بأن يضعوا شيئاً على وجوههم، لكن للمرأة في حالة عدم الريبة لها أن تنظر من وراء حجابها إلى من يعلم ويدرس في حلقة العلم إذا لم يكن هناك ريبة والأولى أن تترك، لكن هنا نبين الحكم ولا يحملنا الحرص على أن نتجاوز السنة.

وأما حديث عائشة فقال أهل العلم فيه: أن هذا قبل الحجاب، أي: أن نظر عائشة رضي الله عنها وأرضاها كان قبل الحجاب، ولكن ليس هناك دليل، وإذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال، فمن يدلل لنا بحديث صحيح أنه قبل الحجاب أو بعد الحجاب فيبقى على أنه ليس هناك دليل، ويبقى على الأصل أنها نظرت إليهم.

وقال بعضهم: لأنها صغيرة رضي الله عنها وأرضاها، لكن حقق الحافظ ابن حجر أن هذا النظر كان في السنة السابعة وعمرها رضي الله عنها وأرضاها خمسة عشر عاماً فدل على أنها كبيرة.

وقال النووي وبعض الشافعية: نظرت إلى سلاحهم ولم تنظر إلى وجوههم.

لكن ليس هناك دليل على أنها نظرت إلى السلاح والحراب ولم تنظر إلى الوجوه.

وأحسن الأجوبة أن يقال: نظرت ولم يكن فيها ريبة ولا شهوة رضي الله عنها وأرضاها، فجاز لها الأمر وأقرها صلى الله عليه وسلم في ذلك، فليعلم هذا، لأن هذا كأنه أقرب الأجوبة مما ظهر من كلام أهل العلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>