فتاة لها صديقة، تحتج بقوله تعالى:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}[القصص:٥٦] وترد النصيحة، بحجة أن الأعمال مقدرةٌ سلفاً؟
الجواب
هذه الفتاة جبرية، يعني: تقول بالجبر، وإذا لم تقتنع بالشريعة فقد تقتنع بشيء من التأديب من أبيها أو أمها؛ لأبيها أو لأمها؛ لأنها عارضت شرع الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وقدره الكوني سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وهي قالت شيئاً تتظاهر بأنه حق، وهو في احتجاجها باطل، وقد سرق أحد الناس في عهد عمر رضي الله عنه وأرضاه، وقال له عمر:[[لم سرقت؟ قال: قدر الله عليَّ أن أسرق، فأخذ عمر السكين فقطع يده: قال: لم قطعت يدي؟ قال: قدر الله عليَّ أن أقطع يدك]].
فقضية أن تضحك علينا وتضحك على الشريعة، وتترك الصلاة، وتترك الحجاب، وتقول: قدر الله عليَّ فهذا خطأ:
أولاً: أسألها: من أخبرها أن الله قدر عليها هذا؟ {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}[الإنسان:٣] والهداية مسلوكة ومعروفة، هل تعرف أن الله قدر عليها الغواية؟ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:٦٩] هم بدءوا بالمجاهدة فهديناهم، فلما زاغوا وبدءوا بالزيغ أزاغ الله قلوبهم، فأهل العلم يقولون: من أراد الهداية هداه الله ووفقه.
ثانياً: إننا نراها في المصالح الدنيوية حريصة على ما يصلح لها، تأتي مثلاً: لا تأكل الجمر وتأكل التمر، إذا أحست بالبرد تغطت والتحفت، إذا أحست بالظمأ شربت الماء، فمن أخبرها أن هذا ظمأ، وهذا ري، وهذا جوعٌ وهذا شبع، إلا لأنها تفكر بهذا، هذا هداية، وهذا ضلال، أما استدلالها بذاك فليس بصحيح وهي مخطئة، ويدل على قلة علمها، فعليها أن تتوب وتستغفر، وأن تجاهد نفسها وسوف يهديها الله إذا اقتربت منه، وإذا دعت، أما أنها ما بدأت بشيء، ولا دعت ولا صلت، وتريد أن تأتيها الهداية، فلن تأتيها {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:٢٣].