للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم تعلم العلوم الدنيوية]

السؤال

ما المقصود بذكر العلم والعلماء في القرآن الكريم؟ فإن كان المقصود بذلك: العلم الشرعي، فما مصيرنا نحن الذين ندرس الهندسة والطب؟ فهل لنا مثل أجرهم؟ مع العلم أننا نحرص على تعلم العلم، وحضور المحاضرات، وسماع الأشرطة الإسلامية، وقراءة الكتب الدينية المفيدة.

الجواب

أولاً: أشكرك على هذا السؤال، وهذا يُنْبِي عن فهم، وقد نُبِّه عليه في كثير من الدروس والمحاضرات، ولكنك أثرت مسألة، وددتُ أنني تطرقت لها في أثناء الكلام.

اعلم أن العلم إذا أطلق في الكتاب؛ فمعناه علم الكتاب والسنة.

ثانياً: لا تظن أنك إذا تعلمتَ الهندسة، أنك لستَ مأجوراً بتعلمك لها، بل العجيب كل العجيب والغريب كل الغريب؛ أني وجدتُ أناساً في الهندسة والطب أكثر تقوىً وصلاحاً من كثير ممن يدرسون الشريعة وأصول الدين.

هذا على الكرسي من الصباح إلى صلاة الظهر، ست محاضرات، في فتح الباري، وفي رياض الصالحين , ومع ابن حجر، ومع ابن تيمية، ومع الشوكاني، ومع الصنعاني، ومع ذلك تجده فاسقاً من الفسقة والعياذ بالله! وهذا من الصباح، في التجريح والتشخيص والتحليل، وتجده ولياً من أولياء الله.

فاعلم أن هذه المسألة واردة، وأحمد الله عز وجل على أن وُجِدَت الصحوة في كثير من هذه القطاعات، حتى تدخل في بعض المستشفيات، فترى الأطباء يذكرون بـ أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، من سيرتهم وأخلاقهم وتعاملهم.

فإذا سُبِقْتَ إلى العلم والفُتيا، فلا تُسْبَق على التقوى، لا يسبِقُك أحدٌ على التقوى والانضباط، فإنه قد سبق كثيرٌ من الناس كثيراً من أهل الشريعة في هذا الجانب، وصدقوا مع الله، فأعطاهم الله ما تمنَّوا، ورفع منزلتهم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

ثالثاً: اعلم أن الإسلام تخصصات، وأن من أراد أن ينصر الدين من باب الشريعة فله ذلك، وهو مأجور، ومن أراد أن ينصره من باب الطب أو الهندسة أو أي تخصص، فهو مأجور ومشكور.

والأمةُ فرضٌ عليها فرض كفاية؛ أن تقوم بهذه التخصصات.

ويوم تركنا الطب والهندسة لغيرنا؛ غُزينا في عقر دارنا، وأنا سمعتُ من بعض الفضلاء أن النصارى اجتمعوا في الكنيسة، فقال لهم رئيسهم أو كبيرهم الذي علمهم السحر: "تعلموا الطب، واغزوا بلاد المسلمين "، لماذا؟ "... لابتزاز أموالهم، ولكشف عورات نسائهم، ولقطع نسلهم".

فيوم وجد الطبيب المجرم، وأتى الورع البارد في فتراتٍ من الفترات، وتركوا تعلم الطب، أتت هذه النوعية، كشفوا عورات النساء في المستشفيات، وقطعوا النسل، وأخذوا الأموال من أيدي الناس.

فيا أيها الإخوة! يا أطباء الإسلام! ويا مهندسو الإسلام! اعلموا أنكم على ثغرة من الثغرات، من كان في الحراسة كان في الحراسة، ومن كان في الساقة كان في الساقة، ومن كان في الطب كان في الطب، ومن كان في الهندسة كان في الهندسة.

وما يدريك؟ لعل أكبر أمل لك بعد الفرائض أن تدخل الجنة بالهندسة وبالطب.

حسان بن ثابت دخل الجنة بعد الفرائض بالقافية والشعر؛ لأنه نصر الإسلام به.

وامرؤ القيس يوم أجرم شعره؛ كان قائد الشعراء إلى النار.

وخالد بن الوليد دخل الجنة؛ لأنه كان يجيد عمليات قطع الرءوس عن الأكتاف، كان يَفصل الجماجم رضي الله عنه، له طريق خاصة في الذبح، على الطريقة الإسلامية، يستقبل بالأبطال القبلة، ثم يُذَبِّحُهم كما تُذَبَّح الدجاج، فدخل الجنة بهذه الطريقة الممتازة.

وأُبَي بالقراءة.

وزيد بن ثابت بالفرائض.

وابن عباس بالتفسير.

فأنت ما عليك وزر ولا حرج، غفر الله لنا ولكم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>