أول ما يوجه الكلام للعلماء والدعاة، فهم أهل الميثاق قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران:١٨٧] ومعنى الآية أي: البيان العام في الاعتقاد، والشرائع الربانية، والأحكام المأخوذة عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة:١٩٥ - ١٦٠].
ونعيش دقائق مع ابن تيمية وهناك شريط اسمه أسرار العبقرية عند ابن تيمية، آخذ منه جزءً هو الفرق بين ابن تيمية وغيره من العلماء:
إن ابن تيمية جعل الدنيا على التراب؛ ليرضى عنه الواحد الوهاب، ورفض كل شيء لتبقى لا إله إلا الله، ولم يساوم شيخ الإسلام أبداً على ذلك وهذا هو الفارق بينه وبين غيره من العلماء، وتجدون من يكتب عن ابن تيمية مثل أبي الحسن الندوي يشير إليه، وحيا الله أبا الحسن فقد أشاد بهذا الاكتشاف، اكتشف الديناميت في حياة ابن تيمية اسمعوا إلى هذه الجمل:
يعيش ابن تيمية عقلاً نوَّاراً، يريد ابن تيمية أن يكون كالشمس تسطع تسطع، وكالنجم يلمع يلمع، وكالسيل يهدر يهدر، يعيش ابن تيمية استقلالية فكرية، يحارب الإقطاع والرأسمالية، ويحارب الخنوع لغير الله، واستبداد البشر بالبشر، يعيش بمفهوم العصر (البروسترويكا) والانفتاح، أو إعادة البناء، انشغل التاريخ بـ ابن تيمية؛ لأن ابن تيمية انشغل بالله.
ويقول أحد الكتبة مثل كاتب كتاب المسار محمد أحمد الراشد:(بقدر انشغالك بالله ينشغل الناس بك، وبقدر انشغالك بالناس لا ينشغل الناس بك) فـ ابن تيمية انشغل بالله فانشغل الناس به، حتى أن من يقرأ المجلد الرابع عشر من (البداية والنهاية) يجد التاريخ وراء ابن تيمية، وكأنه لا يوجد في الدنيا إلا ابن تيمية، دخل ابن تيمية، خرج ابن تيمية وقف ابن تيمية، جلس ابن تيمية، تكلم ابن تيمية، خطب ابن تيمية، يعيش ابن تيمية.
وهذه من الاستقلالية الجميلة التي يعيشها ابن تيمية، ولذلك كان ابن تيمية قوياً كأشد ما تكون القوة، حياً كأشد ما تكون الحياة، وقد فتح جبهات في حياته، في الرد على الجهمية المعطلة، والخرافية والمعتزلة والأشاعرة والحلولية والاتحادية والظلم، والاستبداد، وكان خطيباً مفتياً واعظاً، مجاهداً، مربياً، ومعلماً، ومدرساً، وشيخاً، وهذه تسمى منافذ القدرة عند ابن تيمية، ومن عاد إلى الشريط وسمع الكلام عن ابن تيمية يستفيد إن شاء الله.
وأقول: إن الأمة ما زالت بخير ما دام فيها علماء يخافون الله عز وجل، ويبينون للأمة ما التبس لها من أمر دينها، وهم أهل الميثاق.