للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الرفع من الركوع]

أما الرفع فكان صلى الله عليه وسلم يقول: (سمع الله لمن حمده) ويرفع يديه، ثم يقول: (ربنا ولك الحمد).

قال ابن القيم: وردت (ربنا ولك الحمد) ووردت (اللهم ربنا لك الحمد) ولم ترد (ربنا لك الحمد).

والصحيح أنها وردت، وقد رد المحدثون على ابن القيم رحمه الله وقالوا: بل وردت أربع صيغ، ربنا ولك الحمد، ربنا لك الحمد، اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم ربنا لك الحمد، فمن قال واحدةً منها فقد أصاب.

وقد ذكرنا أن من البدع المخالفة قول بعضهم: من قال: (ربنا ولك الحمد والشكر) فاعترض بعض المعترضين وقالوا: سبحان الله! كيف يعترض على أن نقول لله الشكر؟ أما أنعم الله علينا؟! كيف لا نشكر الله؟! ونقول: هذا رجلٌ جاهلٌ عارض الشرعية برأيه، والشريعة لم تأت بالآراء، قال علي رضي الله عنه: [[لو كان الدين بالرأي، لكان باطنٌ الخف أولى بالمسح من ظاهره]] إذاً الدين نقل، الدين من المعصوم صلى الله عليه وسلم: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} أقول: صحيح أن الله هو الذي أنعم علينا، والشكر هو لله تعالى، لكن لماذا تأتي بكلمة ما أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم؟ من الذي علمنا السنة إلا محمد عليه الصلاة والسلام!

إذاً قف حيث وقف القوم، وسر حيث ساروا، مع سيد القوم صلى الله عليه وسلم.

أما المأموم فإذا سمع الإمام يقول: (سمع الله لمن حمده) قال: (ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يوماً يقولها، فقال: {من قال هذا؟ فقال أحد الصحابة: أنا يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: لقد رأيتها ابتدرها ثلاثون من الملائكة يكتبونها} وفي بعض الروايات أنها عضلت ببضعة عشر ما استطاعوا رفعها {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} [فاطر:١٠].

إذا رفع المسلمُ من الركوع فهل يعيد يديه إلى صدره، أم يرسلها، أم ماذا؟ وقد نشر في بعض الصحف الإسلامية والجرائد كلام لعالمين محدثين كبيرين، أحدهما يقول: لا يضم يده اليمنى على اليسرى لأنه مخالف للأصول، ويسميها بدعةً حجازية، والعالم الآخر الجليل يقول: الضم بعد الركوع سنة، وذلك إلحاقاً بهيئة القيام بالفاتحة، لأن لكل هيئةٍ هيئةً منه صلى الله عليه وسلم، فالأقرب أن يجعل اليمنى على اليسرى، وقد أصاب من قال هذا القول الأخير، فالأحسن أن يضم يده اليمنى على اليسرى على صدره، إلحاقاً بهيئة القيام بالفاتحة التي فعلها عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>