هو ليس مفتياً فقط، ولا خطيباً فحسب، وليس واعظاً فقط، ولا مجاهداً فحسب، وليس آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر فحسب؛ بل هذه كلها فيه وزيادة، فهو يضرب في كل غنيمة بسهم:
محاسنه هيولى كل حسن ومغناطيس أفئدة القلوب
وتجد بعض المسلمين متكاسلين الآن إذا طلبت منه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال: أنا لست موظفاً في الهيئة، سبحان الله! ما هذا السوء؟! ما هذا الكلال واحتقار النفس؟! وما هذا الانهزام والتخلف عن معاني استكمال الشخصية الإسلامية التي يريدها الله من العبد؟!
مجاهد، عابد، آمر بالمعروف، ناهٍ عن المنكر؛ هذه من ميزات ابن تيمية، ولذلك استولى على كثير من الجبهات وكأنه التاريخ.
وأرجوكم مطالعة الجزء الرابع عشر من البداية والنهاية فسوف تجدون ابن كثير نسي نفسه، ونسي الملوك، ونسي الدول والسلاطين والوزراء، وانتقل مباشرة إلى ابن تيمية كأن التأريخ ابن تيمية؛ دخلت سنة كذا وكذا، وكان ابن تيمية في جبل كسروان، دخلت سنة كذا وكذا وكان ابن تيمية في السجن؛ فأصبح ابن تيمية هو التاريخ لكثرة وتعدد جبهاته واختصاصاته وهكذا يكون المؤمن كـ أبي بكر الصديق باذلاً، ومجاهداً، ومعلماً، ومنفقاً، وصبوراً، وصدوقاً، ومحسناً، وغيرها من صفات الخير.