للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أدب أحد الشعراء الملاحدة]

يأتيك أحد الشعراء الملاحدة كما ذكر ذلك ابن الجوزي في صيد الخاطر يقول:

أيا رب تخلق أغصان رند وألحاظ حور وكثبان رمل

وتنهى عبادك أن يعشقوا أيا حاكم العدل ذا حكم عدل

سبحانك اللهم؛ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

يقول ابن الجوزي: هذا المفضوح أصابه الله بقارعة، ودائماً الملاحدة يلطمهم الله لطمات، قال تعالى: {أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} [التوبة:١٢٦] يقولون: إن أحد الشباب الملاحدة دخل مستشفى، ودخل عليه الدعاة، فقالوا: تب، كم يأتيك من الحوادث، كم يأتيك من الأمراض، كم يأتيك من اللطمات، فيتوب إذا عاد على السرير، فإذا خرج نفث علينا بقلمه وبكفره وبزندقته.

يقول:

أيا رب تخلق أغصان رند أي: كيف تخلق الشجر الجميل.

وألحاظ حور: نساء جميلات.

وكثبان رمل وتنهى عبادك أن يعشقوا: وتقول العشق حرام، أيا خالق العدل! ذا حكم عدل؟ فيأخذه الله.

والحسن بن هانئ: دخل هذا المجرم على سلطان فنسي الله، ونسى رهبة الله وعظمته، نسي ملك الملوك الذي نواصي الملوك بيده.

وابن أبي ذئب دخل عليه الخليفة المهدي في مسجد المدينة، وابن أبي ذئب المحدث قرين الإمام مالك، الزاهد العابد يحدث فقام أهل المسجد جميعاً إلا ابن أبي ذئب لم يقم، فقال له: لماذا لا تقوم لي كما يقوم الناس؟

قال: أردت أن أقوم لك، فتذكرت قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:٦] فتركت القيام لذاك اليوم.

قال: اجلس، والله ما بقيت شعرة في رأسي إلا قامت.

يقول الأوزاعي لما سألوه: كيف وجد عبد الله بن علي العباسي.

عبد الله بن علي العباسي عم أبي جعفر المنصور، الذي قتل في ساعة واحدة في دمشق ستة وثلاثين ألف مسلم، دخل عليه والسيوف مسلولة على رءوس الجنود، فزجره ونهاه وأمره، قالوا: كيف تجرأت عليه، قال: والله لما دخلت عليه صوره الله لي كأنه ذباب، وتصورت كأن عرش الله بارزٌ على الناس.

قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:٥١] والمقصود أن هذا تهتك على شرع الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>