ويلزم الداعية أن يطلب العلم النافع الموروث عن معلم الخير صلى الله عليه وسلم؛ ليدعو على بصيرة، لأن الله قال في محكم التنزيل:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف:١٠٨] قال مجاهد: البصيرة: العلم، وقال غيره: البصيرة: الحكمة، وقال آخر: البصيرة: التوحيد، والحقيقة أن المعاني الثلاثة متداخلة، ولابد للداعية أن يكون موحداً للواحد الأحد، لا يخاف إلا من الله، ولا يرجو ولا يرهب إلا الله، ولا يكون أشد حباً إلا لله عز وجل، ولابد له أن يكون ذا علم نافع، وهو علم (قال الله، قال رسوله صلى الله عليه وسلم) ليدعو إلى الله على بصيرة، فيحفظ ما تيسر من كتاب الله، ويعنى بالأحاديث عناية فائقة، فيخرجها، ويصحح الصحيح منها، ويضعف الضعيف حتى يثق الناس بعلمه، ويعلم الناس أنه يحترم أفكارهم، وأنه يحترم تواجدهم، فإنني أعتبر مثل هذا الجمع أولاً: أنه حبٌ لله عز وجل، الثاني: أنه احترام لي، فلولا الحب بيني وبينكم ما حضرتم، فلم تجمعكم رغبة ولا رهبة، فكان لزاماً عليّ وأمثالي من المقصرين من طلبة العلم أن نحترم الجمهور في أن نقدم علماً نافعاً جديداً بناءً، مرسوماً على منهج أهل السنة والجماعة.
كذلك ينبغي على الداعية أن يكون حريصاً على أوقاته في حله وترحاله، في إقامته وفي سفره، وفي مجالسه، فيناقش المسائل، ويبحث مع طلبة العلم، ويحترم الكبير، ويستفيد من ذي العلم والتجربة والعقل، وإذا فعل ذلك سدد الله سهامه ونفع بكلامه، وأقام حجته ورفع برهانه.