الفائدة الخامسة عشرة: وفيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يوص بالخلافة، خلافاً لمن زعم من الرافضة أنه أوصى بها لـ علي بن أبي طالب، وقد كذبوا على الله، فما أوصى بها أحداً من الناس، لكنه لمح ولم يصرح، وأشار إلى أبي بكر فولاه أمر الصلاة وجعله إماماً بعده، وفي مرض موته، فكأنه يشير إليه، أما أنه نص عليه نصاً، أو كتب له كتاباً أو أوصى وصية، فهذا لم يحدث أبداً، ولم يقع، والرسول عليه الصلاة والسلام لم ينص على إنسان بعينه ولم يستخلف عليه الصلاة والسلام، وإنما ترك الأمر للناس، ولكنه أشار بأفضلية أبي بكر قبل موته صلى الله عليه وسلم بثلاث ليال وقال:{لو كنت متخذاً خليلاً من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر، ولكن صاحبكم خليل الرحمن سدوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر} فكأنه يشير إليه عليه الصلاة والسلام.
فلم يوص بالخلافة لـ علي، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال:[[لقي العباس علي بن أبي طالب في مرض موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان العباس رجلاً داهية من دواهي الرجال، فقال: يا علي! قال: نعم، قال: اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا أين هذا الأمر بعد وفاته، فإن كان لنا عرفنا ذلك، وإن لم يعطنا الخلافة، فليوص بنا خيراً من يتولى الخلافة، فقال علي وكان رشيداً وناصحاً صادقاً: والله لا أكلم الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر، والله إن منعنا الخلافة لا يعطينا الناس]] فبقوا على هذا الحال حتى توفي عليه الصلاة والسلام، فتولى أبو بكر وكان سديداً، مدحه عمر وعثمان وعلي وجل الصحابة، وما زال لسان المدح له ولسان صدق في الآخرين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.