يقول له:{كن في الدنيا كأنك غريب}: أرأيتَ الغريبَ الذي نزل في بلدة ليس له زوجة، ولا ولد، ولا والدة، ولا أحباب ولا أصحاب، ولا أصدقاء، ليس له دار، ولا قصر، ولا مزرعة ولا بستان، يريد صلى الله عليه وسلم من ابن عمر ومن المسلم أن يكون هكذا.
أرأيت الغريب المضطهد، الذي لا يُنظَر إليه بعين الرأفة والرحمة بين قوم غرباء، يرون أنه نزل ليرتحل؟! يريد صلى الله عليه وسلم من ابن عمر ومنا أن نكون ذلك.
أرأيتَ الغريبَ الذي لا يدري متى يرتحل، لا يعرف البلدة، ولا يعرف في البلدة معروفاً؟
غريبٌ من الخلان في كل بلدة إذا عَظُمَ المطلوبُ قلَّ المُساعِدُ
فقال له صلى الله عليه وسلم:{كن في الدنيا كأنك غريب} أرأيت هذه الدنيا، إنها دنيا، ويكفي أنه اشتق اسمها من الدنو، أو من الدناءة، من الدنوِّ: من قرب تصَرُّمِها وانتهائها ولقائنا بالله عزَّ وجلَّ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[هود:١٥ - ١٦] هذه الدنيا يريد صلى الله عليه وسلم منا أن نكون فيها غرباء.