وعادوا إلى تركته ولا تركة له فيا من جمع الأموال ولم يقدم ما ينفعه عند الواحد القهار! هذا خيرة خلق الله، وهذا صفوة عباد الله، ذهب والله ما تلوث منها بشيء، يمر عليه الشهر بعد الشهر ولا يوقد في بيته نار، ويمر عليه ثلاثة أيام وهو في جوعه صلى الله عليه وسلم، فالله المستعان
كفاك عن كل قصر شاهق عمد بيت من الطين أو كهف من العلم
تبني الفضائل أبراجاً مشيدة نصب الخيام التي من أروع الخيم
إذا ملوك الورى صفوا موائدهم على شهي من الأكلات والأدم
صففت مائدة للروح مطعمها عذب من الوحي أو عذب من الكلم
ذهب عليه الصلاة والسلام وبقي بيته من طين، وبقيت بعض الدراهم ليست له، أنفقت في الصدقات وفي سبيل الله، وأتى أبو بكر فقال لقرابته ولبناته صلى الله عليه وسلم لما طلبوه الميراث، قال:{سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنا لا نورث، ما تركناه صدقة} وعند أحمد في المسند: {إنا لا نورث ما تركنا صدقة} فما ترك صلى الله عليه وسلم شيئاً، ولكن ترك هذا الدين، اجتماعنا بهذه الوجوه الطيبة النيرة حسنة من حسنات، وهذه المساجد والمنابر حسنة من حسنات رسالته، وهذه الدعوة الخالدة والرسالة القائمة فضل من فضل الله ثم من فضله صلى الله عليه وسلم.
نعم.
مضى إلى الله صلى الله عليه وسلم، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وحسبنا الله على كل ما يصيبنا! فإنه قد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:{يا أيها الناس: من أصيب بمصيبة فليتعز بي، فإني عزاء لكل مسلم} إي والله
وإذا أتتك من الأمور بلية فاذكر مصابك بالنبي محمد
إذا مات ابنك فاعلم أن ابنك لا يكون أحب في قلبك إن كنت مؤمناً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن مات أبوك أو أمك أو قريبك أو صفيك، فاعلم أنهم لا يعادلون ذرة في ميزان الحب مع حبه صلى الله عليه وسلم، تذكر أنه مات، وأنه صلى الله عليه وسلم عند ربه، يستشهده الله علينا هل بلغنا ما علينا؟ ويستشهده الله علينا هل سمعنا وأطعنا أم لا؟ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً}[النساء:٤١].