[طلب العلم والقراءة]
السؤال
أنا شاب ولي رغبة -ولله الحمد- في طلب العلم, وأريد أن أقرأ لأن القراءة هي إحدى الطرق التي توصل إلى طلب العلم، لكنني حينما أريد أن أقرأ لا أجد العزم والقوة، وسرعان ما يتلاشى هذا الحماس فأرشدني إلى طريقة طيبة؟
الجواب
القراءة والاطلاع وطلب العلم ليس بالأمر السهل، والعبد المؤمن إذا أراد أن يطلب العلم أو يقرأ عليه أن يصابر نفسه, فلن يؤتى خيراً من خير الدنيا أو خير الآخرة إلا بالصبر، ولذلك ذكر الله الصبر في أكثر من تسعين موضعاً، وقضية أن العلم ينال هكذا بلا صبر وبلا مثابرة ولا سهر ولا بحث ولا مدارسة فهذا بعيد، والمال أرخص من العلم، وأهل المال ورجال الأعمال وأهل رءوس الأموال دائماً في جد وفي عمل، وفي سهر وضنك حتى يجمعوا أموالهم, فكيف بالعلم الذي هو أشرف؟! فإذا علمت ذلك فاعلم أن القراءة ينبغي أن تصبر عليها حتى تكون لك عادة، وهي لا تلبث أن تكون كلفة ثم تكون ألفة بإذن الله، تتكلفها في أول الطريق ثم يتألف قلبك على القراءة.
فهذا عبد السلام جد ابن تيمية صاحب المنتقى لأن شيخ الإسلام اسمه أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام يقولون في ترجمته: كان من شغفه على القراءة أنه إذا دخل الخلاء قال لابنه: اقرأ وارفع صوتك حتى أسمع القراءة.
ولذلك ترجم له الذهبي وقال: أما عبد السلام -جد ابن تيمية - فكان قمراً, وكان أبوه نجماً, وكان شيخ الإسلام شمساً {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء:١٢].
فالمقصود: عليك أن تتقي الله عز وجل, وأن تستعين به سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وتقرأ، وأعداؤنا من الخواجات الأمريكان والإنجليز يلومون العرب ويقولون: أقل الناس قراءة هم العرب، وقرأت في بعض المقالات أن موشي ديان وزير حرب العدو الهالك قالوا له: لقد نشرتم أسراركم في الصحف, حتى الصحف العربية نشرت أسرار الجيش الإسرائيلي, فكيف لم يكتشفه العرب؟ قال: إن العرب قوم لا يقرءون.
يريدون كل شيء بارتياح، ولذلك تجد أن الكتب عندنا مصنفة ومؤلفة وموشحة ومرجحة ومحققة ومنقحة ولا نقرؤها!! مسند الإمام أحمد جمعه في أربعين سنة، مشى في الدنيا وطاف في البلاد الإسلامية في تلك الفترة ودخل مصر والعراق والشام وخراسان واليمن والحجاز ثم جمع أربعين ألف حديث وتركه وقال لأبنائه: عليكم بهذا الكتاب فإنه سوف يكون للأمة إماماً.
وبعد أن طبع وأخرج للناس لا أحد يقرؤه إلا ما رحم ربك.
دائماً نقول: نحن أصابنا الملل وأصابنا السأم, وإن لنفسك عليك حقاً ولعينيك عليك حقاً، وأحاديث الرخص تأتينا إذا أتينا نصلي ونقرأ ونذكر الله عز وجل، تأتينا أحاديث الرخص حتى نترك الخير، فالمقصود علينا بالصبر وأن نحتسب الأجر والمثوبة.
أحد الأمريكان له كتاب دع القلق وابدأ الحياة يقول: الأمريكان يقرءون في الأربعة والعشرين ساعة اثنتي عشرة ساعة.
أمريكي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر, ولا يريد جنة ولا يخاف ناراً, ومع ذلك يقرأ اثنتي عشرة ساعة! خواجة كالكلب! فما بالك أنت أيها المسلم؛ ميراث محمد صلى الله عليه وسلم بين يديك, وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بين يديك وأنت لا تقرأ! وهي طريقك إلى الجنة بإذن الله!!